البخاري عن أبي أمامة قال : «كنّا نسمّن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمّنون». وحديث رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن علي (رضي الله عنه) قال : «أمرنا رسول الله أن نستشرف العين والأذن وأن لا نضحّي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء» (١). وحديث رواه الأئمة أنفسهم جاء فيه «نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نضحّي بأعضب القرنين أو الأذن» (٢). وحديث رواه الأئمة أنفسهم عن البراء قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا يجوز في الأضاحي العوراء البيّن عورها والمريضة البيّن مرضها والعرجاء البيّن عرجها والكسيرة التي لا تتقى». ومع ذلك فإن البغوي قال : «وقيل إن شعائر الله هي أعلام دينه بصورة عامة». ومع أن هناك آيات مؤيدة لهذا القول مثل آية سورة البقرة هذه : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)) ، وآية سورة المائدة هذه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢)) ، فإن الآية التي تأتي بعد الجملة تجعل التأويل الأول هو الأوجه في مقامها. ولقد روى المفسرون في تأويل (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أن في الجملة إباحة للانتفاع من الأنعام المعدّة للتضحية في المدة التي تنقضي بين إشعارها ونحرها ، مثل شرب حليبها وجزّ صوفها ووبرها وتحميلها وركوبها والاحتفاظ بما تلده. ورووا في تأويل جملة (مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أن في الجملة تعيين المكان الذي يحلّ أن تنحر فيه الشعائر ، وهو الكعبة أو منطقتها أو فناؤها وفي هذه التأويلات السداد والصواب.
__________________
(١) المقابلة التي قطع مقدم أذنها والمدابرة التي قطع مؤخر أذنها والشرقاء التي قطعت أذنها طولا والخرقاء المخروقة الأذن.
(٢) الأعضب المكسور.