من سحت فالنار أولى به» (١). وحديث رواه الشيخان والنسائي وأبو داود عن أبي هريرة ذكر فيه أن «أكل الربا من جملة الموبقات السبع التي أمر النبي صلىاللهعليهوسلم باجتنابها» (٢).
هذا ، وروح الآيات والأحاديث وما روي من مشاهد الربا ومآسيه ومضاعفاته كل ذلك يلهم أن الربا قد حرّم بهذا الأسلوب القاصم بسبب تلك المشاهد والمآسي والمضاعفات.
ولقد ارتكس العالم عامة والمسلمون منهم في ذلك حتى صار الربا بلاء عاما لا يكاد يتفلّت منه أحد بصورة من الصور ولا سيما في ظل نظام المصارف الذي عمّ كل الأقطار. مما كشف الله عن عيبه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال في حديث رواه الإمام أحمد عن الحسن عن أبي هريرة قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا ، فقيل له : الناس كلّهم؟ قال : من لم يأكله ناله غباره» (٣). ولقد شهدنا في حياتنا ممولين يستغلون عوز الفلاحين وغيرهم فيداينونهم المائة بمائة وثلاثين بل وأربعين وخمسين لسنة واحدة بل لموسم زراعي واحد ، ويستغرق الربا جميع ما لهم من أرض وعقار وماشية ويشتد عليهم خناق العوز والمذلة وسمعنا من مثل ذلك كثيرا من آبائنا في بلادنا ومن غيرهم في البلاد العربية الأخرى. ولقد وجد المرابون بعض المشايخ الجهال الذين كانوا يفتونهم في عملهم بزعم إخراج عملياتهم من نطاق الربا المحرم حيث يجرون عملية بيع صورية عن المبلغ الزائد الذي يكتبونه في سند الدين. ولقد شهدنا أغنياء كثيرين فأصبحوا فقراء أذلاء بعد أن كانوا واسعي الثراء محاطين بالتكريم والتبجيل بسبب استغراقهم في الدين ورباه. ولقد شهدنا في الوقت نفسه مصير كثيرين ممن كانوا يأكلون الربا إلى مثل ذلك المصير. ولقد عرفنا أن الله كان يلحظ بعنايته الذين يؤتون الزكاة ويتصدقون
__________________
(١) مجمع الزوائد ج ٤ ص ١١٧.
(٢) التاج ج ٤ ص ٨١.
(٣) أورد هذا الحديث ابن كثير في سياق تفسير الآية وقال : «كذا روى أبو داود والنسائي وابن ماجه».