تصح أن تورد كدليل على ذلك. ولا يبدو في الآيات غموض ولا إشكال والله تعالى أعلم.
ولقد كانت جملة (الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) موضوع جدل مذهبي كلامي حيث أنكر الزمخشري وفقا لمذهب المعتزلة حقيقة الأمر وقال : إن الآية تعبير عما كان يزعم العرب في الجاهلية ، وغمز الذين يعتقدون حقيقة ذلك وقال إن إنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات. وقد تابعه البيضاوي والطبرسي في قوله وحيث ردّ أهل السنة على هذا القول وأوردوا بعض الأحاديث التي منها ما ورد في الكتب الصحيحة من ذلك حديث رواه الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من مولود يولد إلّا والشيطان يمسّه حين يولد فيستهلّ صارخا من مسّ الشيطان إيّاه إلا مريم وابنها. واقرأوا إن شئتم (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (١) آل عمران : [٣]. وحديث رواه البخاري عن أبي هريرة أيضا عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كلّ بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بأصبعه حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعنه فطعن في الحجاب» (٢). ومما لم يرد في تلك الكتب حديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «التقطوا صبيانكم أول العشاء فإنه وقت انتشار الشّياطين» (٣). وقد قابل القاضي ابن المنير غمز الزمخشري بالشتيمة فقال هذا خبطهم فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون. وقد عقد القاسمي فصلا طويلا في تفسيره للآية على هذه المسألة واقتبس من كتاب زاد المعاد لابن القيم نبذة طويلة فيها استشهاد ببعض أقوال وأفعال الإمام ابن تيمية بسبيل إثبات صحة وقائع مسّ الشيطان للجسم الإنساني وحدوث الصرع والجنون نتيجة لذلك وإخراج الشيطان منه بالرقى والآيات القرآنية. واقتبس القاسمي كذلك نبذة من مؤلف للعلامة البقاعي بسبيل تأييد ذلك فيها أولا بعض أحاديث نبوية أخرجها الدارمي ولم ترد في الكتب الصحيحة منها حديث مروي عن ابن عباس جاء فيه : «إن امرأة جاءت بابن لها إلى
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٦٥.
(٢) التاج ج ٤ ص ٦٥.
(٣) حاشية ابن المنير على تفسير الزمخشري الجزء ١ ، الطبعة الأولى ، المكتبة التجارية.