تكرر تقريرها في القرآن تقريرا ربانيا مباشرا مما مرّ منه أمثلة كثيرة وعلقنا عليها وأوردنا أحاديث نبوية متساوقة معها. ومبدأ عدم تكليف الله نفسا إلا وسعها مقرر لأول مرة في آية سورة الأعراف [٤٢] ومبدأ كون الله أرسل رسوله ليضع عن الناس الإصر والأغلال التي كانت عليهم مقرر في الآية [١٥٧] من سورة الأعراف أيضا. ومبدأ عدم مؤاخذة الله للمسلمين على ما يصدر منهم بسائق الخطأ والنسيان متسق مع مبدأ عدم تكليف الله نفسا غير وسعها وعدم تحميلها ما لا طاقة لها به.
ومثل هذا يقال بالنسبة لمبدأ عدم مؤاخذة الله الناس بما نسوه أو فعلوه خطأ. فإن ذلك متسق مع هذا المبدأ أيضا. وهناك حديث رواه ابن ماجه في سننه وابن حبان وصححه عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (١).
ونختم كلامنا عن هذه السورة بترديد الدعاء : «ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربّنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ، ربّنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به ، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين». ونسأل الله أن يكون دعاؤنا خالصا وأن يستجيب لنا والحمد لله ربّ العالمين.
[تمّ بتوفيق الله تعالى الجزء السادس ويليه إن شاء الله تعالى
الجزء السابع وأوله تفسير سورة الأنفال]
__________________
(١) أورد هذا الحديث ابن كثير في سياق الآية ، وقد أورده مؤلف التاج أيضا ، انظر ج ١ ص ٢٩.