٢ ـ وتقرير كون دفع البغي والظلم والتضامن فيه ضرورة اجتماعية لا بدّ منها لأجل ضمان سيادة الحرية والحقّ والعدل والطمأنينة التامة لأي مجتمع.
٣ ـ وتقرير كون كل حرب غير دفاعية أصلا أو نتيجة هي حرب باغية مخلّة بحقوق الناس وأمنهم ومصالحهم.
٤ ـ وتطمين المؤمنين الصالحين بأن الله ناصرهم ومؤيدهم وممكّن لهم في الأرض تمكينا لا يتوخّى فيه استعلاء ولا استغلال ولا ابتزاز ولا استكبار ، ولا يكون فيه ظلم وبغي وتحكّم واستعباد وإنما يتوخّى فيه إقامة الدين والصلاة لله وحده وإعطاء الزكاة للفقراء والمحتاجين والمحرومين مما يتحقق به العدل الاجتماعي ، ثم الأمر بكل ما هو معروف فيه الخير والبرّ والصلاح والحقّ والعدل والكرامة والمساواة والنهي عن كل ما هو منكر فيه الشر والفساد والبغي والكسل والبطالة والجور والهوان والظلم والفجور والرجس ، وبكلمة أخرى تمكينا يقوم في ظله المجتمع الإنساني الفاضل.
وبالإضافة إلى هذا فإنه ينطوي في فحوى الآية الأخيرة وروحها تقرير كون ما يفعله المسلمون حينما يمكّنهم الله في الأرض هو من الخصائص التي أهّلهم دين الله لها. وينطوي في هذا تقرير كون المسلمين الذين لا يفعلون ذلك حينما يمكّنهم الله في الأرض قد أخلّوا بتلك الخصائص ، فخرجوا بذلك عن حدود ما رسمه الله للمسلمين المخلصين الصادقين وجعله من خصائصهم ، وفي هذا ما فيه من روعة وجلال.
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها