وارد في السنن من حديث جماعة من أصحاب رسول الله أن رسول الله قال : «أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال وما أكتب قال اكتب ما هو كائن فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة». ومع ذلك فقد روى الطبري في سياق الآية أن ابن عباس سأل كعب الأحبار عن (أُمُّ الْكِتابِ) [الرعد : ٣٩] فقال : (علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون فقال لعلمه كن كتابا). ولقد أوردنا هذه الأحاديث وغيرها وعلّقنا عليها وعلى موضوع القلم واللوح وأم الكتاب في سياق تفسير سور القلم والبروج والرعد بما يغني عن التكرار.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢)) [٧١ ـ ٧٢]
في هذه الآيات :
١ ـ تنديد بعقائد الكفار المشركين ووهن أساسها. فهم يعبدون آلهة غير الله ويشركونها معه من دون برهان وبيّنة وعلم. فهم ظالمون لأنفسهم جانون عليها وليس للظالمين من نصير.
٢ ـ ووصف فيه معنى التعقيب والتوبيخ لشدة مكابرتهم وغيظهم. فبينما تكون عقائدهم واهية الأساس فإنهم إذا تليت عليهم آيات الله البينات التي تحتوي البرهان الساطع تجهّمت وجوههم واربدّت وبدا عليها أمارات الغيظ والشرّ حتى ليكادون يبطشون بالذين يتلون عليهم هذه الآيات.
٣ ـ وأمر للنبي صلىاللهعليهوسلم بسؤال هؤلاء سؤالا ينطوي على التحدّي والتقريع عما إذا كانوا يودّون أن ينبئهم بما هو أشدّ إثارة وغيظا لهم وهو وعد الله للكافرين بالنار وبئست هي من مصير لهم.
ولقد روى الطبري في سياق تفسير جملة (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ)