العرب في الدعوة الإسلامية مستمدّ من شرف ظهور رسولها العظيم منهم وأعظم به من شرف.
ومن الجدير بالتنبّه أن شأنية العرب في الإسلام لا تعني تميّزا ولا تغلّبا ولا استعلاء ولا استغلالا ولا مختارية من نوع «الشعب المختار» بالنسبة لعقيدة بني إسرائيل واليهود في أنفسهم الذي جعلهم يعتبرون ما عداهم عبيدا يملكونهم وما يملكون ويكون لهم أن يحققوا ذلك ، ولا يقبلون من أحد أن يرتفع إلى مستواهم دينيا أو اجتماعيا ما استطاعوا (١). في حين أن الإسلام قد سوّى بين المسلمين على اختلاف أجناسهم وألوانهم في جميع الحقوق والواجبات وجميع شؤون الدين والدنيا تسوية تامة وسمّاهم أخوة. كما جاء في آيات عديدة منها آية سورة الحجرات هذه (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [١٠] وكما جاء في أحاديث عديدة منها هذا الحديث الذي رواه الأربعة عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا. ولا يبغ بعضكم على بعض. وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى هاهنا ـ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ـ بحسب امرئ من الشر أن يحقّر أخاه المسلم ، كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» (٢). فليس لغير المسلمين والحالة هذه أن يروا غضاضة في هذه الشأنية للعرب في الإسلام في نطاق المدى المشروح آنفا.
وما قلناه من انصراف الآية في الدرجة الأولى إلى العرب سواء أفي ما احتوته من دلالة لفظية أم في كونها كانت توجّه الخطاب إليهم لا يتعارض مع معنى آخر يمكن أن يتبادر من إطلاق تعبير (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وهو أن غير العرب من المسلمين يدخلون في شمولها أيضا. فقد غدوا بانتمائهم إلى الإسلام أمة وسطا ليكونوا شهداء
__________________
(١) لما أراد بنو إسرائيل أن يعيدوا بناء معبدهم في القدس بعد عودتهم من السبي من بابل ، جاء السامريون الذين كانوا يدينون بديانة اليهود فقالوا لهم : نبني معكم لأن ربنا واحد. فقالوا لهم : لا ، ليس البيت الذي نبنيه لنا ولكم وإنما نبنيه للربّ إله إسرائيل. سفر عزرا ، الإصحاح ٤.
(٢) التاج ج ٥ ص ٣٥.