على فقد يوسف صبرا جميلا ، واستعان الله على ما يصفون من الكذب ، ليظهر أمره له ، ويعلم ما فعلوه به.
ثم ذكر تعالى ، أن سيارة كانت ذاهبة من مدين إلى مصر ، أرسلوا واردهم ليطلب لهم الماء، فسار حتى وصل إلى ذلك الجبّ ، فأدلى دلوه فتعلق يوسف به ، فلمّا رآه فرح به لجماله وحسنه ، واتفق هو ومن معه على أن يخفوا أمره عن سيارتهم ، ويخبروهم بأن أهل الماء جعلوه بضاعة عندهم ، على أن يبيعوه لهم بمصر ، ثم ذكر أنهم باعوه بثمن بخس لأنهم لم يغرموا فيه شيئا ، وكان الذي اشتراه عزيز مصر ، فأمر امرأته أن تكرم مثواه ، عسى أن ينفعهم أو يتخذوه ولدا ؛ ثم ذكر جلّ شأنه أنه لما بلغ أشدّه ، آتاه حكمة وعلما ، وجزاه بذلك على إحسانه وطاعته ، وأنّ امرأة العزيز راودته عن نفسه ، فاستعاذ بالله ممّا تطلبه منه ، وخرج هاربا إلى الباب فخرجت وراءه لتمنعه ، وتعلّقت بقميصه فقدّته من دبر ، فلما وصلا إلى الباب ، وجدا بعلها عنده ، فرمته بأنه كان يريد بها سوءا ، وذكر له أنها راودته عن نفسه فأبى ؛ وجاء شاهد من أهلها ، فذكر أن قميصه إن كان قدّ من قبل ، تكون هي الصادقة ، وإن كان قدّ من دبر يكون هو الصادق ، فلما رآه قدّ من دبر علم أن اتهامها له من الكيد الذي عرفن به ، وأمره أن يعرض عن هذا ، لئلّا يظهر للناس ، وأمرها أن تستغفر من ذنبها ، ولا تعود إليه.
ثم ذكر تعالى أن نسوة في المدينة عرفن ذلك ، فلمنها عليه ، فلما سمعت بما حصل منهن ، دعتهنّ إليها ، وأحضرت لهن طعاما ، وآتت كل واحدة منهن سكينا لقطع الطعام ، وأمرت يوسف أن يخرج عليهن ، فلمّا رأينه أكبرنه ، ودهشن ، فوقعت سكين كل واحدة على يدها ، فجرحتها ، ثم أخبرتهن بأنه هو الذي لمنها فيه ، وأنه إن لم يفعل ما تأمره به ، فلا بدّ من أن تسعى في سجنه ، فآثر السجن على ما دعته إليه ، ولم يجبها إلى ما أرادته ، فذهبت إلى بعلها ، فشكته أنه فضحها في الناس ، وأنه يخبرهم بأنها راودته عن نفسه ، فرأى أن يحبسه ، حتى يسقط عن ألسنة الناس ذكر ذلك الحديث.
ثم ذكر سبحانه ، أنه دخل معه السجن فتيان : أحدهما صاحب طعام