المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «إبراهيم» (١)
١ ـ قال تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ) [الآية ٦].
قالوا : سامه الأمر سوما : كلّفه إيّاه ، وقال الزجّاج : أولاه إيّاه ، وأكثر ما يستعمل في العذاب والشرّ والظلم.
وجاء في كتاب العين : السّوم أن تجشّم إنسانا مشقّة ، أو سوءا ، أو ظلما.
أقول : وأصل السّوم من قولهم : سامت الناقة سوما ، والسّوم عرض السلعة على البيع ، والسّوم في المبايعة.
غير أن ما في لغة التنزيل هو ضرب من المجاز اللطيف ؛ وهو من لطفه ، كأنه يبتعد عن الأصل.
٢ ـ وقال تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [الآية ٧].
قوله تعالى : (تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ) ، أي : أذّن ربكم ، ونظير تأذّن : توعّد وأوعد وتفضّل وأفضل.
أقول : الغالب في بناء «تفعّل» مجيئه لازما ، نحو تكسّر ، وتحطّم ، وتستّر ، وغيره كثير ، وهو في هذا قد يأتي مطاوعا للمتعدي ، نحو : هدمه فتهدّم.
غير أنه قد يأتي متعدّيا ، وليس مجيئه متعدّيا من الندور ، نحو تعلّم وتعجّل ، وغير ذلك.
٣ ـ وقال تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) (١٤).
أقول : والأصل «وعيدي» واجتزئ
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.