المبحث الأول
أهداف سورة «الرّعد» (١)
سورة الرّعد من السور التي اختلف في مكّيّتها ومدنيّتها ، فقال قوم إنها مكّيّة ، لأنها شبيهة بالسور المكّيّة في قصّتها وموضوعاتها ، وقال آخرون إنها مدنيّة ، ولكن موضوعاتها تشبه موضوعات السور المكّيّة. وفي المصحف المطبوع في القاهرة سورة الرعد مدنيّة ، وآياتها ٤٣ ، نزلت بعد سورة محمّد.
وفي تفسير مقاتل بن سليمان ، سورة «الرّعد» مكّية ، ويقال مدنية. وتسمى سورة الرّعد لقوله سبحانه فيها :
(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) [الآية ١٣].
وسورة «الرّعد» من أعاجيب السور القرآنية التي تستولي على النفس ، وتثير الوجدان ، وتزحم الحس بالصور والمشاهد. ثم تأخذ النفس من أقطارها جميعا ، فإذا هي في مهرجان من الصور والمشاعر. وتسلك السورة سبيلها الى القلب وترتاد به آفاقا وأكوانا وعوالم وأزمانا ، وهو مستيقظ مبصر ، مدرك ، شاعر بما يموج حوله من المشاهد والصور.
إنّها ليست ألفاظا وعبارات ، ولكنّها صور حية تستولي على الفؤاد ، وتلمس الوجدان وتوحي بالإيمان.
موضوع السورة
موضوع سورة الرعد الرئيس هو العقيدة. وقضاياها هي التوحيد
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.