تشبهها في غرضها ، وفي افتتاحها بالحروف التي افتتحت بها.
نزول القرآن للترغيب في
الإيمان والتحذير من الكفر
الآيات [١ ـ ٣]
قال الله تعالى : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (١) ، فأقسم ، بهذه الحروف ، على أنه كتاب أنزله إليه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وهذا هو طريق الترغيب. ثم حذر الذين يكفرون به من عذاب شديد. وهذا هو طريق الترهيب ؛ ثم ذكر سبحانه أن الذين يكفرون به هم (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (٣).
اتحاد الغرض من الكتب المنزلة
الآيات [٤ ـ ١٨]
ثم قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٤) فذكر أنّ إنزال القرآن لأجل هداية الناس هو شأن الكتب المنزلة قبله ، وفصّل هذا الإجمال بما كان من إرسال موسى (ع) إلى بني إسرائيل لإخراجهم من الظلمات إلى النور ، فذكّرهم بأيام العذاب التي مرت على الأمم قبلهم ، وبنعمة الله عليهم إذ أنجاهم من آل فرعون ، وأخبرهم بأنهم إن شكروا الله زادهم من نعمته ، وإن كفروا به عاقبهم بشديد عذابه ، وبأنهم إن يكفروا هم ومن في الأرض جميعا ، (فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) (٨).
ثم ذكر جلّ وعلا ، أن هذا كان أيضا شأن قوم نوح وعاد وثمود ومن بعدهم ، وأن رسلهم جاءتهم بالبينات فكفروا بهم ، وشكّوا فيما يدعونهم إليه من الإيمان بالله وحده ، وأن رسلهم ردّوا عليهم بأنه لا يصحّ الشكّ في الله سبحانه ، وهو فاطر السماوات والأرض ، إلى غير ذلك من الجدال الذي دار بينهم ؛ ثم ذكر أنهم لجئوا ، بعد هذا الجدال ، الى تهديد رسلهم بأن يخرجوهم من أرضهم أو يعودوا في ملّتهم ، وأنه أوحى إلى رسلهم ، أنه سيهلكهم ويسكنهم الأرض من بعدهم ، ثم ذكر ما عاقبهم به في الدنيا