المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «إبراهيم» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة إبراهيم بعد سورة نوح ، وهي من السور التي نزلت بمكّة بعد الإسراء ، فيكون نزولها مثلها بعد الإسراء وقبيل الهجرة ، وعلى هذا تكون من السور المكّيّة. وقيل إنها من السور المدنيّة ، وقد قال الإمام فخر الدين الرازي : اعلم أن الكلام في أن هذه السورة مكية أو مدنية طريقه الآحاد ، ومتى لم يكن في السورة ما يتصل بالأحكام الشرعية فنزولها بمكة والمدينة سواء. إنما يختلف الغرض في ذلك إذا حصل فيه ناسخ ومنسوخ ، فيكون فيه فائدة عظيمة.
وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم لذكر قصة إبراهيم (ع) بمكة فيها ، وتبلغ آياتها اثنتين وخمسين آية.
الغرض منها وترتيبها
يقصد من هذه السورة بيان الغرض من نزول القرآن ، وهو هداية الناس بالترغيب في الثواب والترهيب من العقاب. وقد افتتحت هذه السورة ببيان هذا الغرض ، ثم انتقل من هذا إلى بيان موافقة القرآن للكتب المنزلة قبله في هذا الغرض ، ثم انتقل من هذا إلى تحذير مشركي مكة من تكذيبه بما حصل للمكذّبين قبلهم ؛ وبهذا ينقسم سياق هذه السورة إلى هذه الأقسام الثلاثة.
وقد جعلت بعد سورة الرّعد لأنها
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.