المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «يوسف» (١)
١ ـ قال تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) [الآية ٣].
قال الزمخشري :
القصص على وجهين : يكون مصدرا بمعنى الاقتصاص ، وتقول : قصّ الحديث يقصّه قصصا ، كقولك شلّه يشلّه شللا ، إذا طرده ، ويكون «فعلا» بمعنى «مفعول» ، كالنّفض والحسب. ونحوه النّبأ والخبر : في معنى المنبأ به والمخبر به.
ويجوز أن يكون من تسمية المفعول بالمصدر ، كالخلق والصّيد.
وإن أريد المصدر فمعناه : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) ، أي : بإيحائنا إليك هذه السورة ، والمقصوص محذوف لأنّ قوله تعالى : (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) مغن عنه.
ويجوز أن ينتصب «هذا القرآن» ب «نقصّ» ، كأنه قيل : نحن نقصّ عليك أحسن الاقتصاص هذا القرآن بايحائنا إليك.
والمراد بأحسن الاقتصاص : أنه اقتصّ على أبدع طريقة وأعجب أسلوب. ألا ترى أنّ هذا الحديث مقتصّ في كتب الأوّلين ، وفي كتب التواريخ ، ولا ترى اقتصاصه في كتاب منها مقاربا لاقتصاصه في القرآن؟
وإن أريد بالقصص المقصوص ، فمعناه : نحن نقصّ عليك أحسن ما يقصّ من الأحاديث.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.