المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «يوسف» (١)
إن قيل : لم قال تعالى (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) [الآية ٤] ولم يقل ثلاثة عشر كوكبا وهو أوجز وأخصر ، والذي رآه كان أحد عشر كوكبا غير الشمس والقمر؟
قلنا : قصد عطفهما على الكواكب تخصيصا لهما بالذكر وتفضيلا لهما على سائر الكواكب ، لما لهما من المزية والرتبة على الكل ، ونظيره تأخير جبريل وميكائيل عن الملائكة عليهمالسلام ، ثم عطفهما عليهم ، إن قلنا إنهما غير مرادين بلفظ الملائكة ، وكذا قوله تعالى (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [البقرة / ٢٣٨] إن قلنا إنها غير مرادة بلفظ الصلوات. فإن قيل : ما الحكمة في تكرار رأيت؟
قلنا : قال الزمخشري : ليس ذلك تكرارا ، بل هو كلام مستأنف وضع جوابا لسؤال مقدر من يعقوب عليهالسلام ، كأنه قال له بعد قوله تعالى (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) [الآية ٤] كيف رأيتها سائلا عن حال رؤيتها؟ فقال مجيبا له (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (٤) وقال الزجّاج : إنما كرر الفعل تأكيدا لما طال الكلام كما في قوله تعالى (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٧) [الروم](وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (٣٧) وقال غيره ، إنما كرره تفخيما للرؤية وتعظيما لها.
فإن قيل : لم أجريت مجرى العقلاء في قوله تعالى (رَأَيْتُهُمْ) وفي قوله
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.