يوسف عزيز مصر
تعرض يوسف لحلقات متتابعة من الإغراء والوعد والوعيد ، وتوالت عليه حملات زليخا ، ونساء من وجوه المدينة ، فدعا يوسف ربه أن ينجيه من كيدهن ومكرهن ، بقوله كما ورد في القرآن الكريم :
(رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) [الآية ٣٣].
ورأى العزيز أن يضحي بهذا البريء النزيه ، حتى تسكت الألسنة وتخف عن زوجته التهمة ، فأدخل يوسف السجن.
وكان يوسف في السجن ، مثالا كريما في الدعوة إلى الإيمان وتفسير الأحلام وإرشاد الناس إلى الحق ؛ ثم رأى الملك في منامه سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات عجاف ، وفسّر يوسف هذه الرؤيا بأن البلد مقبلة على سبع سنين مخصبة يجود فيها النيل بالماء ، ثم تأتي بعدها سبع سنين مجدبة يجف فيها ماء النيل ، ويعقب ذلك عام طيّب مثمر ، فأمر الملك بالعفو عن يوسف ، ولكنه أبى أن يخرج من السجن إلا بعد التثبّت من براءته ونزاهته ، فاعترفت النسوة بنزاهته وفي ذلك ، يقول الله تعالى :
(حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) (٥١).
فخرج يوسف من السجن بريئا نزيها ، ثم نال إعجاب الملك والحظوة عنده.
وعلم يوسف أن مصر قادمة على مجاعة ، فالنيل سيجود بالماء سبع سنين ثم يمتنع عن الفيضان سبع سنين أخرى ، ورأى يوسف ثقة الملك فيه وإعجابه بنزاهته وأمانته فقال كما ورد في التنزيل :
(قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (٥٥).
واستطاع يوسف بحكمته أن ينجي مصر من المجاعة ، وأن يدّخر القمح في سنابلها ، والذرة في كيزانها ، وأن يدير التموين والأموال ، وأن يحفظ لمصر مكانتها وفضلها فاستطاعت أن تساعد نفسها ، وأن تمديد العون لما حولها من البلاد.
ووصل خبر يوسف إلى البلاد