المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الرّعد» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «الرعد» بعد سورة «محمّد». ونزلت سورة «محمّد» بعد سورتين من سورة «النساء» ، وكان نزول سورة «النساء» فيما بين صلح الحديبيّة وغزوة تبوك ، فيكون نزول سورة «الرعد» في ذلك التاريخ أيضا ، وعلى هذا تكون سورة «الرعد» من السّور التي نزلت بالمدينة ، وقيل إنها نزلت بمكّة ، لأنها تجري في أغراض السّور التي نزلت بها ، وقال الأصمّ : إنّها مدنيّة بالإجماع. وكأنه لم يقم وزنا لهذا القول ، ولا شيء في أن تجري بعض السور المدنية في أغراض السور المكيّة ، لأن المشركين الذين نزلت فيهم السور المكية لم ينقطع أمرهم بعد الهجرة ، وكان كثير منهم يحيط بالمدينة ، وكانت دعوتهم لا تزال قائمة ، ومما يؤيد أن هذه السورة مدنية ، قوله تعالى : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (٣١).
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في الآية ١٣ منها : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) وتبلغ آياتها ثلاثا وأربعين آية.
الغرض منها وترتيبها
يقصد من هذه السورة إثبات تنزيل القرآن ، كما يقصد من السور الثلاث المذكورة قبلها ، ولهذا ذكرت هذه
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.