المبحث السادس
المعاني اللغوية في سورة «يونس» (١)
قال تعالى : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ) [الآية ٢] القدم هاهنا : التقديم ، كما تقول : «هؤلاء أهل القدم في الإسلام» أي : الذين قدّموا خيرا فكان لهم فيه تقديم (٢).
وقال تعالى : (وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) [الآية ٥] ثقيلة (وَقَدَّرَهُ) ممّا يتعدى إلى مفعولين ، كأنه «وجعله منازل». وقال تعالى : (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) [الآية ٥] فجعل القمر هو النور كما تقول : «جعله الله خلقا» وهو «مخلوق» و «هذا الدرهم ضرب الأمير». وهو «مضروب». وقال جلّ شأنه : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) [البقرة / ٨٣] فجعل الحسن هو المفعول كالخلق.
وقال تعالى : (وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) وقد ذكر الشمس والقمر كما قال (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة / ٦٢].
وقال سبحانه : (كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) [الآية ١٢] و (كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً) [الآية ٤٥] وهذا في الكلام كثير وهي «كأنّ» الثقيلة ولكن أضمر فيها فخفّفت كما تخفف أنّ ويضمر فيها ، وإنما هي «كأنه لم» وقال الشاعر (٣) [من الخفيف وهو الشاهد الثامن والعشرون بعد المائتين] :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتب ، بيروت ، غير مؤرخ.
(٢). نقله في الصحاح «قدم» والبحر ٥ / ١٣٠.
(٣). هو زيد بن عمرو بن نفيل ، الكتاب وتحصيل عين الذهب ١ / ٢٩٠ ، والخزانة ٣ / ٩٥ ؛ واللسان «ويا» ؛ وقيل هو نبيه بن الحجاج «اللسان» أيضا.