الله وبين أحد من عباده نسب ولا صلة ، فالخلق كلهم عباد الله ، يتفاضلون عنده بالتقوى ، ويدركون ثوابه بالعمل الصالح :
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات / ١٣].
ويكون التعقيب على قصة نوح معبّرا عن أهداف القصص القرآني ، مبشّرا بالنجاة والنصر للمؤمنين ، منذرا بالهلاك والعذاب للكافرين. قال تعالى :
(تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (٤٩).
فيحقق هذا التعقيب من أهداف القصص القرآني في هذه السورة ما يأتي :
١ ـ حقيقة الوحي التي ينكرها المشركون. فهذا القصص غيب من الغيب ، ما كان يعلمه النبي (ص) ، وما كان معلوما لقومه ، ولا متداولا في محيطة وإنّما هو الوحي من لدن حكيم خبير.
٢ ـ وحقيقة وحدة العقيدة ، من لدن نوح أبي البشر الثاني ، هي نفسها ، والتعبير عنها يكاد يكون واحدا ، مشتملا على الدعوة الى الايمان بالله ، والدعوة الى مكارم الأخلاق ، والبعد عن الرذائل والمنكرات.
٣ ـ وحقيقة السنن الجارية التي لا تتخلف ولا تحيد (والعاقبة للمتقين) ، فهم الناجون وهم المستخلفون.
(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (١٠٥) [الأنبياء].
قصة هود
تناول الدرس السابق قصة نوح عليهالسلام ونجاته ومن معه في الفلك ، ثم هبوطه على الأرض ، مستحقّا لبركات الله عليه وعلى المؤمنين من ذريته ، أمّا المكذّبون من ذرّيته فلهم عذاب أليم ، وقد دارت عجلة الزمن ، ومضت خطوات التاريخ وإذا عاد من نسل نوح الذين تفرّقوا في البلاد ، ومن بعدهم ثمود ، ممّن حقت عليهم كلمة الله.
(وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤٨).
فأما عاد ، فكانوا قبيلة تسكن الأحقاف ، «وال حقف كثيب الرمل المائل» في جنوب الجزيرة العربية.