المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «إبراهيم» (١)
أقول : وجه وضعها بعد سورة الرّعد ، أن قوله تعالى في مطلعها : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ) [الآية ١] مناسب لقوله : في مقطع تلك : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤٣) [الرعد]. على أن المراد ب (من) هو : الله تعالى جل جلاله.
وأيضا ففي الرعد : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) [الرعد / ٣٢]. وذلك مجمل في أربعة مواضع : الرسل ، والمستهزئين ، وصفة الاستهزاء ، والأخذ. وقد فصّلت الأربعة في قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ) [الآية ٩] إلى قوله : (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) (١٦).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م.