بالكسرة عن ياء المتكلم لأن «وعيدي» نهاية الآية التي يوقف عليها ، فإذا وقف كان الوقف بالسكون ، وطيّ الكسرة لأجل الوقف أسهل من طيّ المدّ الطويل الذي يكون بإثبات الياء.
وقد مر بنا شيء من هذا في آيات أخرى.
٤ ـ وقال تعالى : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) [الآية ٢١].
أقول : جاء رسم «الضعفاء» في المصحف الشريف الضّعفاوء بواو قبل الهمزة ، وهذا الرسم يشير إلى من يفخّم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو.
ونظيره : علماؤا بنى إسرائيل (١٩٧) [الشعراء].
وفي هذا فائدة ، في أنّ رسم المصحف يهدي إلى فوائد تاريخية تتصل بأصوات القرآن ، وكيف أعرب عنها لدى طائفة من أهل التلاوة.
٥ ـ وقال تعالى : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) (٢١). أقول : المحيص هو المنجى والمهرب ، والفعل حاص يحيص.
وهو اسم مكان أو مصدر كالمغيب والمشيب.
ومن المفيد أن نشير إلى أن الفعل من هذا الاسم لم يبق شيء منه في العربية المعاصرة ، بل احتفظت به العاميّة في العراق ولا سيما في الحواضر ، يقال : هو لا يحيص أو ما يحيص ، أي : ما يتحرك وليس له أن يفلت.
٦ ـ وقال تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) (٣١).
قال الزمخشري (١) :
أي : أن الناس يخرجون في ذلك اليوم أموالهم في عقود المعاوضات ، فيعطون بدلا ليأخذوا مثله ، وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجروا بهداياهم أمثالها أو خيرا منها ؛ وأما الإنفاق لوجه الله خالصا كقوله تعالى :
(وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) (٢٠) [الليل] ، فلا
__________________
(١). «الكشاف» ٢ / ٥٥٦.