أن قصة يوسف (ع) من غيب الماضي الذي يوحيه إليه ، وما كان يعلمه ، وأن أكثر الناس لا يؤمنون بالقرآن ، ولو حرص على إيمانهم لتعنّتهم ، وأنه لا يسألهم عليه أجرا ، حتّى يعرضوا عنه ، وإنما هو تذكير للناس وعظة لهم ؛ ثم ذكر تعالى ، أن هذا الإعراض شأنهم في آياته في السماوات والأرض ، وأن أكثرهم لا يؤمن به إلّا وهم مشركون ؛ ثم أنكر عليهم ، أنهم لا يحذرون أن يؤاخذهم على تعنّتهم ، بغاشية من عذابه ، أو تأتيهم الساعة بغتة ، وهم لا يشعرون.
ثم أمر النبي (ص) أن يذكر لهم ، أن هذا سبيله يدعو إليه على بصيرة ، هو ومن اتّبعه ، ولا يأتيهم بما يقترحونه من الآيات على سبيل التعنّت ، ثم ذكر سبحانه ، أنه لم يرسل من قبله إلّا رجالا مثله ، من أهل القرى ، فلم يرسل ملائكة كما يقترحون ، وأمرهم أن يسيروا في الأرض ، لينظروا كيف كانت عاقبة المكذّبين قبلهم ؛ وذكر تعالى ، أن دار الآخرة خير للمتقين ، من دنياهم التي أعمتهم ؛ ثم ذكر جلّ شأنه أنه لم يهلك المكذبين قبلهم ، إلا بعد أن استيأس الرسل ، وظنّوا أنهم قد كذبوا فيما وعدوا به من هلاكهم ، وأنّ نصره جاءهم بعد هذا ، فنجّى من يشاء من المؤمنين ، ولم يردّ أحد عذابه عن القوم المجرمين (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١١١).