بعض الرواة يقول : بدم كذب بالإضافة ، من الدال (١). وقال : هو الجدي في كلام الكنعانيين ، وأنشد لبعضهم :
ظلّت دماء بني عوف كأنّهم |
|
عند الهياج رعاة بين أكداب |
وقيل : إنهم لطّخوا قميص يوسف عليهالسلام ، بدم ظبي ذبحوه.
وقوله سبحانه : (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [الآية ١٨] وهذه استعارة. وحقيقة التسويل تزيين الإنسان لغيره أمرا غير جميل.
جعل سبحانه أنفسهم ، لمّا قوي فيها الإقدام على ذلك الأمر المذموم ، بمنزلة الغير الذي يحسّن لهم فعل القبيح ، ويحمّلهم على ركوب العظيم.
وقوله سبحانه : (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) [الآية ٣٠] وهذه استعارة. والمراد بها أن حبّه تغلغل إليها ، حتى أصاب شغافها ، وهو غشاء قلبها. كما تقول : بطنت الرّجل. إذا أصبت بطنه. ويقال : معنى شغفها أي سلب شغاف قلبها ، على طريق المبالغة في وصف حبها له ، كما تقول : سلبت الرّجل ، إذا أخذت سلبه.
وقوله سبحانه : (قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ) (٤٤) وهذه أبلغ استعارة وأحسن عبارة ، لأن أحد الأضغاث : ضغث. وهو الخليط من الحشيش المضموم بعضه إلى بعض ، كالحزمة وما يجري مجراها ، فشبّه سبحانه اختلاط الأحلام ، ما مرّ به الإنسان من المحبوب والمكروه ، والمساءة والسرور باختلاط الحشيش المجموع من أخياف (٢) عدة ، وأصناف كثيرة.
وقوله سبحانه (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ) (٤٨). وهذه استعارة. والمراد بالسّبع الشداد : السّنون المجدبة. ومعنى (يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَ) أي ينفد فيهن ، ما ادّخرتموه لهن من السنين المخصبة.
__________________
(١). وقرأ الحسن وعائشة «بدم كدب» بالوصف لا بالإضافة ، وبالدال المهملة أي بدم طري. يقال للدم الطري : الكدب.
(٢). الأخياف : جمع خيف ، وهو كلّ هبوط وارتقاء في سفح الجبل ، أو ما ارتفع عن مسيل الماء.