بظاهر من القول ، وليس عندهم شيء من العلم ، وقد زيّن لهم ما هم فيه ، وصدّوا عن السبيل ، فلا يمكن اهتداؤهم ؛ ثم أوعدهم بأن لهم عذابا في الحياة الدنيا وعذابا أشق منه في الآخرة ؛ ووعد المتقين بأن لهم جنة تجري من تحتها الأنهار ، أكلها دائم وظلّها.
ثم أجابهم رابعا بأن أهل الكتاب يفرحون بهذا القرآن الذين لا يؤمنون به ، وإن كان من أحزابهم من ينكر بعضه لمخالفته لما عندهم ؛ وأمر النبي (ص) أن يعبده ولا يشرك به ، وأن يدعو إليه وحده ؛ ثم ذكر أنه أنزل القرآن حكمة عربية لا يصح طلب آية بعدها ؛ وحذّر النبي (ص) من أن يتّبع أهواءهم فيما يطلبونه من الآيات ، بعد أن جاءه من العلم ما لا يصح معه اتباع أهوائهم.
ثم أجابهم خامسا بأنه أرسل رسلا من قبله ، وكانوا بشرا مثله لهم أزواج وذرّيّة ، فلا يمكنهم أن يأتوا بآية إلا بأذنه ، ولكل أجل قدّره لآياته كتاب ، لا تمكن مخالفته ، وكل ما يحصل من محو أو إثبات يأتي على وفق ما فيه ؛ ثم ذكر للنبي (ص) أنه قد يريه بعض ما يعدهم من العذاب وقد يتوفّاه قبله ، فليس هذا من شأنه ، وإنما عليه أن يبلغهم وعليه هو حسابهم ؛ ثم نبههم إلى أن ما يعدهم به قد حصل بعضه ، فذكر ما حصل من انتقاص المسلمين أطراف أرضهم ، وأنه قد حكم بنصر المؤمنين عليهم ، وهو حكم لا معقب له ولا تأخير فيه ؛ ثم ذكر أنه قد مكر من كان قبلهم فلم يفدهم مكرهم ، لأن له المكر جميعا ، يعلم ما تكسب كل نفس ، وسيعلم الكفّار لمن عقبى الدار : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤٣).