الراسخة ، والنبت الموزون والرياح اللواقح ، والماء والسّقيا ، والحياة والموت والحشر للجميع. يلي ذلك قصة آدم وإبليس ، منتهية بمصير أتباعه ومصير المؤمنين. ومن ثمّ لمحات من قصص ابراهيم ولوط وشعيب وصالح عليهمالسلام ، منظور فيها ، إلى مصائر المكذّبين.
ويمكن تقسيم سياق السورة هنا إلى عدة جولات ، أو عدة مقاطع يتضمن كل منها موضوعا أو مجالا :
تتضمن الجولة الأولى بيان سنّة الله تعالى التي لا تتخلف في الرسالة والإيمان بها والتكذيب ، مبدوءة بذلك الإنذار الضمني الملفّع بالتهويل :
(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٣).
ومنهية بأن المكذّبين إنما يكذّبون عن عناد لا عن نقص في دلائل الإيمان ، وأنهم جميعا من طراز واحد :
(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) (١٣).
وتعرض الجولة الثانية بعض آيات الله في الكون ، في السماء وفي الأرض وما بينهما ؛ وقد قدرت بحكمة ، وأنزلت بقدر ، وإلى الله مرجع كل شيء وكل أحد في الوقت المقدر المعلوم ، حيث يقول سبحانه :
(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢١).
وتعرض الجولة الثالثة قصة البشرية ، وأصل الهدى والغواية في تركيبها وأسبابها الأصلية ، ومصير الغاوين في النهاية والمهتدين ، وذلك في خلق آدم (ع) من صلصال من حمأ مسنون ، والنفخ من روح الله في هذا الطين. ثم غرور إبليس واستكباره وتولّيه الغاوين دون المخلصين.
والجولة الرابعة في مصارع الغابرين من قوم لوط وشعيب وصالح ، مبدوءة بقول الله سبحانه :
(نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) (٥٠).
ثم يتتابع القصص يجلو رحمة الله مع ابراهيم ولوط ، وعذابه لأقوام لوط وشعيب وصالح.
أما الجولة الخامسة والأخيرة ، فتكشف عن الحق الكامن في خلق السماوات والأرض الملتبس بالساعة