اختلفت الحلقات التي تعرض منها في كل موضع ، واختلفت طريقة الأداء.
في سورة البقرة كانت نقطة التركيز استخلاف آدم (ع) في الأرض التي خلقها الله سبحانه للناس جميعا :
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة / ٣٠].
ومن ثم عرض الأسرار في هذا الاستخلاف ، وبين قدرة الإنسان على الاستنباط والاستنتاج وتمتّعه بالإرادة والاختيار ، ثم عرض حكاية سجود الملائكة وإباء إبليس واستكباره ، وسكنى آدم وزوجه الجنة وإذلال الشيطان لهما عنها وإخراجهما منها ، ثم الهبوط إلى الأرض للخلافة فيها بعد تزويده بهذه التجربة القاسية ، واستغفاره وتوبة الله عليه.
وفي سورة «الأعراف» ، كانت نقطة التركيز في السياق هي الرحلة الطويلة من الجنة وإليها ، وإبراز عداوة إبليس للإنسان منذ بدء الرحلة إلى نهايتها ، حتى يعود الناس مرة أخرى إلى ساحة العرض الأولى ، ففريق منهم يعود إلى الجنة التي أخرج الشيطان أبويهم منها لأنهم عادوه وخالفوه ، وفريق ينتكس إلى النار لأنه اتّبع خطوات الشيطان العدوّ اللدود ... ومن ثم عرض السياق حكاية سجود الملائكة ، وإباء إبليس واستكباره ، ثم إسكان آدم وزوجه الجنة يأكلان من ثمرها كلّه إلا شجرة واحدة ، وهي رمز المحظور الذي تبتلى به الإرادة والطاعة ؛ ثم وسوسة الشيطان لهما بتوسع وتفصيل ، وأكلهما من الشجرة وظهور سوآتهما لهما ، وعتاب الله لآدم وزوجه ، وإهباطهما إلى الأرض جميعا للعمل في أرض المعركة الكبرى.
فأما هنا في سورة الحجر ، فإن نقطة التركيز في السياق هي سر التكوين في آدم وسر الهدى والضلال ، وعواملهما الأصلية في كيان الإنسان. ومن ثم نص ابتداء على خلق الله آدم من صلصال من حمأ مسنون ، ونفخه فيه من روحه المشرق الكريم ، وخلق الشيطان من قبل من نار السموم ، ثم عرض حكاية سجود الملائكة وإباء إبليس استنكافا من السجود لبشر من صلصال من حمأ مسنون ، وطرد إبليس ولعنته وطلبه الانتظار إلى يوم البعث وإجابته ، وفي هذه السورة ، إشارة إلى أن إبليس الملعون قرر على نفسه أن ليس له سلطان على عباد الله