ذاهب ، وإذا كل وقاية ضائعة ، وإذا كل حصين واهن ، ولم يبق لهم ممّا جمعوا وكسبوا ، وممّا بنوا ونحتوا شيء يغني عنهم ويدفع الهلاك الخاطف.
وهكذا تنتهي الحلقات الخاطفة من القصص في سورة الحجر محققة سنة الله تعالى في أخذ المكذّبين عند انقضاء الأجل المعلوم ، فتتناسق نهاية هذا الشوط مع نهايات الأشواط السابقة في تحقيق سنة الله سبحانه التي لا تتخلّف ولا تحيد.
وفي ختام السورة ذكر للسنن العامة التي لا تتخلف والتي تحكم الكون والحياة ، وتحكم الجماعات والرسالات ، وتحكم الهدى والضلال ، وتحكم المصائر والحساب والجزاء والتي انتهى كل مقطع من مقاطع السورة بتصديق سنّة منها ؛ تلك السنن شاهد على الحكمة المكنونة في كل خلق من خلق الله وعلى الحقّ الأصيل الذي تقوم عليه طبيعة هذا الخلق.
ومن ثمّ يعقب السياق في ختام السورة ، ببيان هذا الحق الأكبر الذي يتجلى في طبيعة خلق السماوات والأرض وما بينهما ، وطبيعة الساعة الآتية لا ريب فيها ، وطبيعة الدعوة التي يحملها الرسول (ص) وقد حملها الرسل قبله. ويجمع بينها كلها في نطاق الحق الأكبر الذي يربطها ويتجلى فيها ، ويبين أن الله جلّ جلاله هو الخلاق لهذا الوجود ولكل ما فيه :
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (٨٦).