حسنا الى أجل مسمّى ، ثم أوعدهم ، إن تولّوا عنه ، بعذاب يوم كبير ، وذكر أن إليه مرجعهم وهو على كل شيء قدير ، وأنه يعلم ما يسرّون وما يعلنون من أعمالهم ، وما من دابة في الأرض إلا عليه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها ، وكل ذلك عنده في كتاب مبين ؛ ثم ذكر أنه سبحانه هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ليبلوهم : أيّهم أحسن عملا ، فلا بدّ لهم من يوم يحاسبون فيه على أعمالهم ؛ ثم ذكر أن النبي (ص) إذا أخبرهم مع هذا بأنهم مبعوثون بعد الموت ، يزعمون أن هذا سحر باطل لا حقيقة له ، وأنه إذا أخّر عنهم جلّ جلاله هذا العذاب الذي يوعدهم به ، يقولون على سبيل الاستهزاء : (ما يحبسه؟). وأجابهم بأنه يوم يأتيهم لا يصرف عنهم ويحيق بهم ما كانوا به يستهزئون. ثم أراد أن يبين أنه لو عجّل لهم هذا العذاب لم يؤمنوا به ، لأن الواحد منهم إذا أذاقه رحمة ثم نزعها منه يبالغ في اليأس والكفر ، فإذا أذاقه نعماء بعد هذا ، ظنّ أن السيئات ذهبت عنه الى غير عودة وبالغ في الفرح والفخر ، ومثل هذا لا يتّعظ بنقمة ولا نعمة ، ثم استثنى منهم الذين صبروا لأنهم لا ييأسون في النقمة ولا تبطرهم النعمة ، ووعدهم مغفرة وأجرا كبيرا.
ثم عاد السياق الى الحديث عن القرآن ، فذكر تعالى للنبي (ص) أنه لعله يترك بعض ما يوحي إليه منه ويضيق به صدره لأنهم يطلبون آية تدل على أنه منزل من عنده سبحانه ، كأن ينزل عليه كنزا أو يجيء معه ملك ؛ ثم ذكر أنه ليس إلّا نذيرا لهم ، فلا يطلب منه إلّا أن يبلّغهم ، وهو على كل شيء وكيل ؛ ثم ذكر أنّهم يزعمون أنه افتراه عليه ، وأمره أن يتحدّاهم بأن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، وأمرهم أن يدعوا من استطاعوا ليساعدوهم على الإتيان بها ، ثم أمرهم إن لم يستجيبوا لهذا التحدّي ، أن يعلموا أنه إنما أنزل بعلمه ، وأنه لا إله إلا هو ، لأنهم لم يستطيعوا هم وآلهتهم أن يأتوا بما تحدّاهم به ، وطلب منهم أن يسلموا بعد عجزهم عنه ؛ ثم ذكر أن الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الإيمان به يوفّي إليهم أجور أعمالهم فيها ، ولا يكون لهم في الآخرة إلا النار ، ويحبط ما صنعوا فيها وتبطل أعمالهم ، لأنهم