أنهم في وقت القيلولة ، يكونون في راحة ونعيم ، ويشير إلى ذلك قوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً* وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) (١).
وأما أهل النار ـ والعياذ بالله ـ فهم ليسوا كذلك لأن حسابهم غير يسير.
وقد ساق ابن كثير في هذا المعنى آثارا منها أن سعيد الصواف قال : بلغني أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس وأنهم ليقيلون في رياض الجنة (٢).
ثم وصف ـ سبحانه ـ بعض الأهوال التي تحدث في هذا اليوم فقال : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً).
وقوله (تَشَقَّقُ) أصله تتشقق بمعنى تتفتح. والباء يصح أن تكون بمعنى عن ، وأن تكون للسببية أى : بسبب طلوعه منها ، وأن تكون للحال ، أى : ملتبسة بالغمام.
والغمام : اسم جنس جمعى لغمامة. وهي السحاب الأبيض الرقيق سمى بذلك لأنه يغم ما تحته ، أى : يستره ويخفيه.
والمعنى : واذكر ـ أيها العاقل لتعتبر وتتعظ ـ أهوال يوم القيامة. يوم تتفتح السماء وتتشقق بسبب طلوع الغمام منها. ونزول الملائكة منها تنزيلا عجيبا غير معهود.
قال صاحب الكشاف : ولما كان انشقاق السماء بسبب طلوع الغمام منها جعل الغمام كأنه الذي تشقق به السماء ، كما تقول : شق السنام بالشفرة وانشق بها ، ونظيره قوله ـ تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ..). (٣).
فإن قلت : أى فرق بين قولك : انشقت الأرض بالنبات ، وانشقت عنه؟ قلت : معنى انشقت به ، أن الله شقها بطلوعه فانشقت به. ومعنى انشقت عنه : أن التربة ارتفعت عند طلوعه.
والمعنى : أن السماء تتفتح بغمام يخرج منها ، وفي الغمام الملائكة ينزلون وفي أيديهم صحف أعمال العباد (٤).
وقوله ـ تعالى ـ : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ ، وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً).
لفظ «الملك» مبتدأ ، و «يومئذ» ظرف للمبتدأ و «الحق» نعت له «للرحمن» خبره.
__________________
(١) سورة الانشقاق الآيتان ٧ ـ ٩.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ١١٣.
(٣) سورة المزمل الآية ١٨.
(٤) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٢٧٥.