(مُتَّكِئِينَ فِيها ..) أى : في تلك الجنات. وانتصب لفظ «متكئين» على الحال من ضمير «لهم» والعامل فيه قوله (مُفَتَّحَةً).
وقوله : (يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) استئناف لبيان حالهم في الجنات ، أو حال ـ أيضا ـ من ضمير «لهم».
أى : أن المتقين لهم جنات عظيمة. فاتحة لهم أبوابها على سبيل التكريم ويجلسون فيها جلسة الآمن المطمئن المنعم ، حيث يتكئون ويستندون على الأرائك ، ويطلبون أنواعا كثيرة من الفاكهة اللذيذة ، ومن الشراب الطيب ، فيلبي طلبهم في الحال.
ثم يضاف إلى هذه الفاكهة والشراب ، ما بينه ـ سبحانه ـ في قوله : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ). أى : وعندهم فضلا عن كل ما تقدم نساء ذوات حياء ، قد قصرن أعينهن على أرواحهن فلا يتطلعن إلى غيرهم. لشدة محبتهن لهم. وهن متساويات في السن والجمال والأخلاق الكريمة.
فمعنى أتراب : أنهن متساويات في السن والجمال والشباب. مأخوذ من التراب. لأن التراب يمسهن في وقت واحد لاتحاد مولدهن : أو من الترائب وهي عظام الصدر المتماثلة.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن هذا العطاء العظيم مقابل عملهم الصالح في الدنيا فقال : (هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ).
واللام في قوله (لِيَوْمِ) للتعليل. أى : هذا الذي ذكرناه لكم من نعيم الجنات. هو جزاء إيمانكم وعملكم الصالح من أجل يوم الحساب.
ثم ختم ـ سبحانه ـ جزاءهم ببيان أنه جزاء خالد لا ينقطع ولا ينقص فقال : (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ).
أى : إن هذا الذي ذكرناه لكم ـ أيها المتقون ـ من الجنات وما اشتملت عليه من نعيم ، هو رزقنا الدائم لكم. وليس له من نفاذ أو انقطاع أو انتقاص. يقال نفد الشيء نفادا ونفدا ، إذا فنى وهلك وذهب.
ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (١). أى غير مقطوع.
وبعد هذا الحديث الذي يشرح الصدور عن المؤمنين وحسن عاقبتهم. جاء الحديث عن
__________________
(١) سورة فصلت الآية ٨.