مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٨٥)
وقوله ـ تعالى ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ ..) بيان لنعمة أخرى من نعمه التي تتعلق بما سخره ـ سبحانه ـ لخدمة الإنسان من دواب ، بعد بيانه قبل لكثير من النعم التي تتعلق بالليل والنهار ، والسماء والأرض ... إلخ.
والأنعام : جمع نعم ، وأطلق على الإبل والبقر والغنم ، قالوا والمراد بها هنا : الإبل خاصة : لأن معظم المنافع التي ذكرت هنا توجد فيها.
أى : الله ـ تعالى ـ هو الذي خلق لكم بقدرته الإبل (لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ) أى لتركبوا بعضا منها ، ولتأكلوا بعضا آخر منها. فمن في الموضعين للتبعيض.
(وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) أخرى غير الأكل وغير الركوب ، كالانتفاع بألبانها وأوبارها وجلودها ...
(وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) أى : ومن منافعها ـ أيضا ـ أنكم تستعملونها في الأمور الهامة كحمل الأثقال ، والانتقال عليها من مكان إلى مكان ..
كما قال ـ تعالى ـ (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١).
(وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) أى : وعلى هذه الإبل في البر وعلى السفن في البحر تحملون.
كما قال ـ تعالى ـ : (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) (٢).
هذا ، ولا مانع من أن يكون المراد بالأنعام هنا ما يشمل الإبل والبقر والغنم ، وإلى هذا المعنى ذهب الإمام ابن كثير ، فقد قال : يقول ـ تعالى ـ ممتنا على عباده بما خلق لهم من الأنعام! وهي : الإبل والبقر والغنم ، فالإبل تركب وتؤكل وتحلب ، ويحمل عليها الأثقال في
__________________
(١) سورة النحل الآية ٧.
(٢) سورة الزخرف الآية ١٢.