مجاهد : لكل منهما حد لا يعدوه ، ولا يقصر دونه ، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا ، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا ..
وقال عكرمة : يعنى أن لكل منهما سلطانا فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل.
وقوله : (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) يقول : لا ينبغي إذا كان الليل أن يكون ليل آخر ، حتى يكون النهار .. (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) التنوين في «كل» عوض عن المضاف إليه ..
قال الآلوسى : والفلك : مجرى الكواكب ، سمى بذلك لاستدارته ، كفلكة المغزل ، وهي الخشبة المستديرة في وسطه ، وفلكة الخيمة ، وهي الخشبة المستديرة التي توضع على رأس العمود لئلا تتمزق الخيمة (٢).
أى : وكل من الشمس والقمر ، والليل والنهار ، في أجزاء هذا الكون يسيرون بانبساط وسهولة ، لأن قدرة الله ـ تعالى ـ تمنعهم من التصادم أو التزاحم أو الاضطراب.
ثم ذكر ـ سبحانه ـ نوعا آخر من النعم التي امتن بها على عباده فقال : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ).
وللمفسرين في تفسير هذه الآية أقوال منها : أن الضمير في «لهم» يعود إلى أهل مكة ، والمراد بذريتهم : أولادهم صغارا أو كبارا ، والمراد بالفلك المشحون : جنس السفن.
فيكون المعنى : ومن العلامات الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، أننا حملنا ـ بفضلنا ورحمتنا ـ أولادهم صغارا وكبارا في السفن المملوءة بما ينفعهم دون أن يصيبهم أذى ، وسخرنا لهم هذه السفن لينتقلوا فيها من مكان إلى آخر.
ويرى بعضهم أن الضمير في «لهم» يعود إلى الناس عامة ، والمراد بذريتهم آباؤهم الأقدمون ، والمراد بالفلك المشحون : سفينة نوح ـ عليهالسلام ـ التي أنجاه الله ـ تعالى ـ فيها بمن معه من المؤمنين ، الذين لم يبق على وجه الأرض من ذرية آدم غيرهم.
فيكون المعنى : وعلامة ودليل واضح للناس جميعا على قدرتنا ، أننا حملنا ـ بفضلنا ورحمتنا ـ آباءهم الأقدمين الذين آمنوا بنوح ـ عليهالسلام ـ في السفينة التي أمرناه بصنعها ، والتي كانت مليئة ومشحونة ، بما ينتفعون به في حياتهم.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٥٦٤.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٣ ص ٢٣.