أى : ما يقال لك إلا مثل ما قيل لإخوانك من قبلك ، ومادام الأمر كذلك. فاصبر كما صبروا ، إن ربك الذي تولاك بتربيته ورعايته ، لذو مغفرة عظيمة لعباده المؤمنين وذو عقاب أليم للكفار المكذبين.
ثم رد ـ سبحانه ـ على بعض الشبهات التي أثاروها حول القرآن الكريم ردا يخرس ألسنتهم فقال : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ..).
والأعجمي : يطلق على الكلام الذي لا يفهمه العربي ، كما يطلق على من لا يحسن النطق بالعربية. وقوله : (ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ) خبر لمبتدأ محذوف.
أى : ولو أنزلنا هذا القرآن بلغة العجم كما قالوا : هلا أنزل هذا القرآن بلغة العجم.
لو فعلنا ذلك ـ كما أرادوا ـ لقالوا مرة أخرى على سبيل التعجب : هلا فصلت ووضحت آيات هذا الكتاب بلغة نفهمها؟ ثم لأضافوا إلى التعجب والإنكار ، تعجبا آخر فقالوا : أقرآن أعجمى ورسول عربي؟.
ومقصدهم من هذه الشبهة الداحضة ، إنما هو إنكار الإيمان به سواء أنزل بلغة العرب أم بلغة العجم.
فهم عند نزوله عربيا قالوا من بين ما قالوا : لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ، ولو نزل بلسان أعجمى ، لاعترضوا وقالوا : هلا نزل بلسان عربي نفهمه.
ولو جعلنا بعضه أعجميا وبعضه عربيا لقالوا : أقرآن أعجمى ورسول عربي.
وهكذا المعاندون الجاحدون لا يقصدون من وراء جدالهم إلا التعنت والسفاهة.
ثم أمر الله ـ تعالى ـ رسول صلىاللهعليهوسلم أن يرد عليهم بالرد الذي يكبتهم فقال : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ ..).
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ لهؤلاء الجاحدين : هذا القرآن هو للذين آمنوا إيمانا حقا هداية إلى الصراط المستقيم ، وشفاء لما في الصدور من أسقام.
كما قال ـ سبحانه ـ في آية أخرى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ..).
ثم بين ـ سبحانه ـ موقف الكافرين من هذا الكتاب فقال : (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) أى : بهذا الكتاب ، وبمن نزل عليه الكتاب.
(فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) أى : في آذانهم صمم عن سماع ما ينفعهم.