الحسن : عبارة عن التصدق والإنفاق في سبيل الله مع خلوص نية ، وصحة قصد ، واحتساب أجر. قرأ الجمهور : (يُضاعَفُ لَهُمْ) بفتح العين على البناء للمفعول ، والقائم مقام الفاعل إما الجار والمجرور ، أو ضمير يرجع إلى المصدقين على حذف مضاف ، أي : ثوابهم ، وقرأ الأعمش : «يضاعفه» بكسر العين وزيادة الهاء. وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب «يضعّف» بتشديد العين وفتحها (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) وهو الجنة ، والمضاعفة هنا أن الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) جميعا ، والإشارة بقوله : (أُولئِكَ) إلى الموصول ، وخبره قوله : (هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ) والجملة خبر الموصول. قال مجاهد : كل من آمن بالله ورسله فهو صدّيق. قال المقاتلان : هم الذين لم يشكّوا في الرسل حين أخبروهم ولم يكذّبوهم. وقال مجاهد : هذه الآية للشهداء خاصة ، وهم الأنبياء الذين يشهدون للأمم وعليهم ، واختار هذا الفراء والزجاج. وقال مقاتل بن سليمان : هم الذين استشهدوا في سبيل الله ، وكذا قال ابن جرير ، وقيل : هم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة لأنبيائهم بالتبليغ ، والظاهر أن معنى الآية : إن الذين آمنوا بالله ورسله جميعا بمنزلة الصديقين والشهداء المشهورين بعلوّ الدرجة عند الله ، وقيل : إن الصديقين هم المبالغون في الصدق حيث آمنوا بالله وصدّقوا جميع رسله ، والقائمون لله سبحانه بالتوحيد. ثم بيّن سبحانه ما لهم من الخير بسبب ما اتّصفوا به من الإيمان بالله ورسله فقال : (لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) والضمير الأول راجع إلى الموصول ، والضميران الأخيران راجعان إلى الصديقين والشهداء ، أي : لهم مثل أجرهم ونورهم ، وأما على قول من قال : إن الذين آمنوا بالله ورسله هم نفس الصديقين والشهداء ، فالضمائر الثلاثة كلها راجعة إلى شيء واحد ، والمعنى : لهم الأجر والنور الموعودان لهم. ثم لما ذكر حال المؤمنين وثوابهم ذكر حال الكافرين وعقابهم فقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) أي : جمعوا بين الكفر وتكذيب الآيات ، والإشارة بقوله : (أُولئِكَ) إلى الموصول باعتبار ما في صلته من اتصافهم بالكفر والتكذيب ، وهذا مبتدأ وخبره (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) يعذّبون بها ، ولا أجر لهم ولا نور ، بل عذاب مقيم وظلمة دائمة.
وقد أخرج ابن مردويه عن أنس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «استبطأ الله قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن ، فأنزل الله : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) الآية». وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : «خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم على نفر من أصحابه في المسجد وهم يضحكون ، فسحب رداءه محمّرا وجهه فقال : أتضحكون ولم يأتكم أمان من ربكم بأنه قد غفر لكم؟! ولقد أنزل عليّ في ضحككم آية : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) قالوا : يا رسول الله فما كفارة ذلك؟ قال : تبكون بقدر ما ضحكتم». وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) إلا أربع سنين. وأخرج نحوه عنه ابن المنذر والطبراني ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه من طريق أخرى. وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عنه أيضا قال : لما نزلت هذه الآية أقبل بعضنا على بعض : أي شيء أحدثنا؟ أيّ شيء صنعنا؟. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن