فإن الضم فيهما أكثر ، وقد يفتحان. (السَّلامُ) أي : الّذي سلم من كل نقص وعيب ، وقيل : المسلّم على عباده في الجنة ، كما قال : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (١) وقيل : الّذي سلم الخلق من ظلمه ، وبه قال الأكثر ، وقيل : المسلم لعباده ، وهو مصدر وصف به للمبالغة. (الْمُؤْمِنُ) أي : الّذي وهب لعباده الأمن من عذابه ، وقيل : المصدّق لرسله بإظهار المعجزات ، وقيل : المصدّق للمؤمنين بما وعدهم به من الثواب ، والمصدق للكافرين بما أوعدهم به من العذاب ، يقال : أمنه من الأمن وهو ضدّ الخوف ، ومنه قول النابغة :
والمؤمن العائذات الطير يمسحها |
|
ركبان مكّة بين الغيل والسّند (٢) |
وقال مجاهد : المؤمن الّذي وحّد نفسه بقوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ). قرأ الجمهور : (الْمُؤْمِنُ) بكسر الميم اسم فاعل من آمن بمعنى أمن. وقرأ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بفتحها بمعنى المؤمن به على الحذف كقوله : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) (٣) وقال أبو حاتم : لا تجوز هذه القراءة لأن معناه أنه كان خائفا فأمنه غيره. (الْمُهَيْمِنُ) أي : الشهيد على عباده بأعمالهم الرقيب عليهم. كذا قال مجاهد وقتادة ومقاتل : يقال : همين يهيمن فهو مهيمن ؛ إذا كان رقيبا على الشيء. قال الواحدي : وذهب كثير من المفسرين إلى أن أصله مؤيمن من آمن يؤمن ، فيكون بمعنى المؤمن ، والأوّل أولى ، وقد قدّمنا الكلام على المهيمن في سورة المائدة ، (الْعَزِيزُ) الّذي لا يوجد له نظير ، وقيل : القاهر ، وقيل : الغالب غير المغلوب ، وقيل : القويّ ، (الْجَبَّارُ) جبروت الله : عظمته ، والعرب تسمّي الملك الجبار ، ويجوز أن يكون من جبر : إذا أغنى الفقير ، وأصلح الكسير ، ويجوز أن يكون من جبره على كذا إذا أكرهه على ما أراد ، فهو الّذي جبر خلقه على ما أراد منهم ، وبه قال السدّي ومقاتل ، واختاره الزجاج والفراء ، قال : هو من أجبره على الأمر ، أي : قهره. قال : ولم أسمع فعّالا من أفعل إلا في جبّار من أجبر ، ودرّاك من أدرك ، وقيل : الجبار الّذي لا تطاق سطوته. (الْمُتَكَبِّرُ) أي : الّذي تكبّر عن كل نقص ، وتعظّم عمّا لا يليق به ، وأصل التكبر الامتناع وعدم الانقياد ، ومنه قول حميد بن ثور :
عفت مثل ما يعفو الفصيل فأصبحت |
|
بها كبرياء الصّعب وهي ذلول |
والكبر في صفات الله مدح ، وفي صفات المخلوقين ذمّ. قال قتادة : هو الّذي تكبر عن كل سوء. قال ابن الأنباري : المتكبر : ذو الكبرياء ، وهو الملك ، ثم نزّه سبحانه نفسه عن شرك المشركين ، فقال : (سُبْحانَ
__________________
(١). يس : ٥٨.
(٢). «العائذات» : ما عاذ بالبيت من الطير.
«الغيل» : الشجر الكثيف الملتف.
«السند» : ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح.
(٣). الأعراف : ١٥٥.