اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي : عمّا يشركونه أو عن إشراكهم به (هُوَ اللهُ الْخالِقُ) أي : المقدّر للأشياء على مقتضى إرادته ومشيئته (الْبارِئُ) أي : المنشئ ، المخترع للأشياء ، الموجد لها. وقيل : المميّز لبعضها من بعض. (الْمُصَوِّرُ) أي : الموجد للصور ، المركّب لها على هيئات مختلفة ، فالتصوير مترتب على الخلق والبراية وتابع لهما ، ومعنى التصوير التخطيط والتشكيل ، قال النابغة :
الخالق البارئ المصوّر في ال |
|
أرحام ماء حتّى يصير دما |
وقرأ حاطب بن أبي بلتعة الصحابي : «المصوّر» بفتح الواو ونصب الراء على أنه مفعول له للبارئ ، أي : الّذي برأ المصوّر ، أي : ميّزه. (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) قد تقدّم بيانها والكلام فيها عند تفسير قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (١) (يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : ينطق بتنزيهه بلسان الحال ، أو المقال كل ما فيهما (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي : الغالب لغيره الّذي لا يغالبه مغالب ، الحكيم في كل الأمور التي يقضي بها.
وقد أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ، في قوله : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) قال : يقول لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل ، حمّلته إياه ، تصدّع وخشع من ثقله ومن خشية الله ، فأمر الله الناس إذا نزل عليهم القرآن أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشّع. قال : (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). وأخرج الديلمي عن ابن مسعود وعليّ مرفوعا في قوله : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) إلى آخر السورة قال : هي رقية الصداع. رواه الديلمي بإسنادين لا ندري كيف حال رجالهما. وأخرج الخطيب في تاريخه ، بإسناده إلى إدريس بن عبد الكريم الحداد قال : قرأت على خلف ، فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك ، فإني قرأت على حمزة ، فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك ، فإني قرأت على الأعمش ثم ساق الإسناد مسلسلا هكذا إلى ابن مسعود فقال : فإني قرأت على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فلما بلغت هذه الآية قال لي : «ضع يدك على رأسك ، فإن جبريل لما نزل بها قال لي : ضع يدك على رأسك ، فإنها شفاء من كل داء إلا السام ، والسام الموت». قال الذهبي : هو باطل. وأخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة ، وابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمر رجلا إذا آوى إلى فراشه أن يقرأ آخر سور الحشر وقال : «إن متّ متّ شهيدا». وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من تعوّذ بالله من الشيطان ثلاث مرات ، ثم قرأ آخر سورة الحشر بعث الله سبعين ملكا يطردون عنه شياطين الإنس والجنّ ، إن كان ليلا حتى يصبح ، وإن كان نهارا حتى يمسي» وأخرج أحمد والدارمي ، والترمذي وحسّنه ، والطبراني وابن الضريس ، والبيهقي في الشعب ، عن معقل بن يسار عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وكلّ الله به سبعين ألف ملك يصلّون عليه حتى يمسي ، وإن مات ذلك اليوم مات
__________________
(١). الأعراف : ١٨٠.