والعصم : جمع عصمة ، وهي ما يعتصم به ، والمراد هنا عصمة عقد النكاح ، والمعنى أنّ من كانت له امرأة كافرة فليست له بامرأة لانقطاع عصمتها باختلاف الدّين. قال النخعي : هي المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر ، وكان الكفار يتزوجون المسلمات ، والمسلمون يتزوجون المشركات ، ثم نسخ ذلك بهذه الآية ، وهذا خاصّ بالكوافر المشركات دون الكوافر من أهل الكتاب. وقيل : عامة في جميع الكوافر مخصّصة بإخراج الكتابيات منها. وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه إذا أسلم وثنّي أو كتابيّ لا يفرق بينهما إلا بعد انقضاء العدّة. وقال بعض أهل العلم : يفرق بينهما بمجرّد إسلام الزوج ، وهذا إنما هو إذا كانت المرأة مدخولا بها ، وأما إذا كانت غير مدخول بها فلا خلاف بين أهل العلم في انقطاع العصمة بينهما بالإسلام إذ لا عدة عليها (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) أي : اطلبوا مهور نسائكم اللاحقات بالكفار (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) قال المفسرون : كان من ذهب من المسلمات مرتدّة إلى الكفار من أهل العهد يقال للكفار : هاتوا مهرها ، ويقال للمسلمين إذا جاءت امرأة من الكفار إلى المسلمين وأسلمت : ردّوا مهرها على زوجها الكافر (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ) أي : ذلكم المذكور من إرجاع المهور من الجهتين حكم الله ، وقوله : (يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) في محل نصب على الحال. أو مستأنفة (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي : بليغ العلم لا تخفى عليه خافية ، بليغ الحكمة في أقواله وأفعاله. قال القرطبي : وكان هذا مخصوصا بذلك الزمان في تلك النازلة خاصّة بإجماع المسلمين (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) لما نزلت الآية المتقدّمة قال المسلمون : رضينا بحكم الله وكتبوا إلى المشركين فامتنعوا ، فنزل قوله : (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) مما دفعتم إليهم من مهور النساء المسلمات ، وقيل : المعنى : وإن انفلت منكم أحد من نساءكم إلى الكفار بأن ارتدت المسلمة (فَعاقَبْتُمْ) قال الواحدي : قال المفسرون : فعاقبتم فغنمتم. قال الزجاج : تأويله : وكانت العقبى لكم ، أي : كانت الغنيمة لكم حتى غنمتم (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) من مهر المهاجرة التي تزوّجوها ودفعوه إلى الكفار ، ولا تؤتوه زوجها الكافر. قال قتادة ومجاهد : إنما أمروا أن يعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من الفيء والغنيمة ، وهذه الآية منسوخة قد انقطع حكمها بعد الفتح. وحاصل معناها أن (مِنْ أَزْواجِكُمْ) يجوز أن يتعلّق بفاتكم ، أي : من جهة أزواجكم ، ويراد بالشيء المهر الّذي غرمه الزوج ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه صفة لشيء. ثم يجوز في شيء أن يراد به المهر ، ولكن لا بدّ على هذا من مضاف محذوف ، أي : من مهر أزواجكم ليتطابق الموصوف وصفته ، ويجوز أن يراد بشيء النساء : أيّ نوع وصنف منهنّ ، وهو ظاهر قوله : (مِنْ أَزْواجِكُمْ) وقوله : (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ) والمعنى : أنهم يعطون من ذهبت زوجته إلى المشركين فكفرت ، ولم يردّ عليه المشركون مهرها ، كما حكم الله مثل ذلك المهر الّذي أنفقه عليها من الغنيمة (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) أي : احذروا أن تتعرّضوا لشيء ممّا يوجب العقوبة عليكم ، فإن الإيمان الّذي أنتم متصفون به يوجب على صاحبه ذلك (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) أي : قاصدات لمبايعتك على الإسلام ، و (عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً) من الأشياء كائنا ما كان ، هذا كان يوم فتح مكة ، فإن نساء أهل مكة أتين رسول الله صلىاللهعليهوسلم يبايعنه ، فأمره الله