المفترضة على وجه حسن ، فيكون تفسيرا لقوله : (وَآتُوا الزَّكاةَ) والأوّل أولى لقوله : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) فإن ظاهره العموم ، أي : أيّ خير كان ممّا ذكر وممّا لم يذكر (هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) مما تؤخّرونه إلى عند الموت ، أو توصون به ليخرج بعد موتكم ، وانتصاب خيرا على أنه ثاني مفعولي تجدوه ، وضمير هو ضمير فصل ، وبالنصب قرأ الجمهور ، وقرأ أبو السّمّال وابن السّميقع بالرفع على أن يكون هو مبتدأ ، وخير خبره ، والجملة في محل نصب على أنها ثاني مفعولي تجدوه ، قال أبو زيد : وهي لغة تميم يرفعون ما بعد ضمير الفصل ، وأنشد سيبويه :
تحنّ إلى ليلى وأنت تركتها |
|
وكنت عليها بالملاء أنت أقدر |
وقرأ الجمهور أيضا : (وَأَعْظَمَ) بالنصب عطفا على خيرا : وقرأ أبو السّمّال وابن السّميقع بالرفع ، كما قرأ برفع (خَيْرٍ) وانتصاب (أَجْراً) على التمييز (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) أي : اطلبوا منه المغفرة لذنوبكم ؛ فإنكم لا تخلون من ذنوب تقترفونها (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي : كثير المغفرة لمن استغفره ، كثير الرحمة لمن استرحمه.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني عن ابن عباس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) قال : مائة آية. وأخرج الدار قطني ، والبيهقي في سننه ، وحسّناه ، عن قيس بن أبي حازم قال : «صليت خلف ابن عباس ، فقرأ في أوّل ركعة بالحمد لله ربّ العالمين ، وأوّل آية من البقرة ثم ركع ، فلما انصرفنا أقبل علينا فقال : إن الله يقول : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ)» قال ابن كثير : وهذا حديث غريب جدّا ، لم أره إلّا في معجم الطبراني. وأخرج أحمد ، والبيهقي في سننه ، عن أبي سعيد قال : «أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسّر». وقد قدّمنا في البحث الأول من هذه السورة ما روي أن هذه الآيات المذكورة هنا هي الناسخة لوجوب قيام الليل ، فارجع إليه.
* * *