كانت الإضافة إلى الفعل الماضي ، وأما إلى الفعل المستقبل فلا يجوز عندهما ، وقد وافق الزجاج على ذلك أبو علي الفارسي والفراء وغيرهما ، والمعنى : أنها لا تملك نفس من النفوس لنفس أخرى شيئا من النفع أو الضرّ (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) وحده لا يملك شيئا من الأمر غيره كائنا ما كان. قال مقاتل : يعني لنفس كافرة شيئا من المنفعة. قال قتادة : ليس ثم أحد يقضي شيئا ، أو يصنع شيئا إلا الله ربّ العالمين ، والمعنى : أن الله لا يملك أحدا في ذلك اليوم شيئا من الأمور كما ملكهم في الدنيا ، ومثل هذا قوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١).
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله : (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) قال : بعضها في بعض ، وفي قوله : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) قال : بحثت. وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) قال : ما قدّمت من خير وما أخرت من سنّة صالحة يعمل بها [بعده ، فإن له مثل أجر من عمل بها] (٢) من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، أو سنّة سيئة تعمل بعده ، فإن عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيئا. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس نحوه. وأخرج الحاكم وصححه ، عن حذيفة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من استنّ خيرا فاستنّ به فله أجره ومثل أجور من اتبعه من غير منتقص من أجورهم ، ومن استنّ شرّا فاستنّ به فعليه وزره ومثل أوزار من اتبعه من غير منتقص من أوزارهم ، وتلا حذيفة (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ)». وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب أنه قرأ هذه الآية : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) قال : غرّه والله جهله. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : جعل الله على ابن آدم حافظين في الليل وحافظين في النهار يحفظان عمله ويكتبان أثره.
* * *
__________________
(١). غافر : ١٦.
(٢). ما بين حاصرتين سقط من الأصل واستدركناه من الدر المنثور (٨ / ٤٣٨)