(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) أشفقة عليكم قالوا ذلك ، ويقال : بخلأ بالنفقة عليكم (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) خوف العدو (رَأَيْتَهُمْ) يا محمد المنافقين فى الخندق (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) تتقلب أعينهم فى الجفون (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) كمن هو فى غشيان الموت ونزعاته (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ) خوف العدو (سَلَقُوكُمْ) طعنوكم وعابوكم (بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) ذرية سليطة (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) بخيلة بالنفقة فى سبيل الله (أُولئِكَ) أهل هذه الصفة (١)(لَمْ يُؤْمِنُوا) لم يصدقوا فى إيمانهم (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) فأبطل الله حسناتهم (وَكانَ ذلِكَ) إبطال حسناتهم (عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩)) هينا (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ) يظن عبد الله بن أبى وأصحابه أن كفار مكة (لَمْ يَذْهَبُوا) بعد ما ذهبوا من الخوف والجبن ، ويقال : ظنوا أن لا يذهبوا حتى يقتلوا محمدا صلىاللهعليهوسلم (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) كفار مكة (يَوَدُّوا) يتمنى عبد الله بن أبى وأصحابه (لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) خارجون من المدينة من خوفهم وجبنهم (يَسْئَلُونَ) فى المدينة (عَنْ أَنْبائِكُمْ) عن أخباركم فى الخندق (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) معكم فى الخندق (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً (٢٠)) رياء وسمعة.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣) لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤) وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠))
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٢١ / ٩٠) ، والقرطبى (١٤ / ١٥٣) ، ومعانى القرآن للفراء (٣ / ٣٣١) ، وزاد المسير (٦ / ٣٦٦).