جهل وأصحابه (أُولئِكَ) أهل هذه الصفة (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٢)) فى كفر بين (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) أحسن الكلام بعد القرآن (كِتاباً مُتَشابِهاً) تشبه آيات الوعد والرحمة والنصرة والمغفرة والعفو بعضها بعضا ، وتشبه آيات الوعيد والعذاب والزجر والتخويف بعضها بعضا (مَثانِيَ) مثنى مثنى آية الرحمة والعذاب ، والوعد والوعيد ، والأمر والنهى ، والحلال والحرام ، والناسخ والمنسوخ ، وغير ذلك ، ويقال : مكرر (١)(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ) تهيج من آيات العذاب والوعيد (جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) يخافون (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ) بآية الرحمة (وَقُلُوبُهُمْ) راجعة (إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ) يعنى القرآن (هُدَى اللهِ) بيان الله (يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) إلى دينه (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) عن دينه (فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣)) مرشد لدينه.
(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ) شدة العذاب (يَوْمَ الْقِيامَةِ) وهو أبو جهل وأصحابه تجمع يده إلى عنقه بغل من حديد ، فمن ذلك يتقى العذاب بوجهه (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ) للكافرين أبى جهل وأصحابه تقول لهم الزبانية : (ذُوقُوا) عذاب (ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤)) تقولون وتعملون فى الدنيا من المعاصى (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من قبل قومك يا محمد ، قوم هود وصالح وشعيب وغيرهم (فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٥)) لا يعلمون بنزوله (فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) عذاب الدنيا (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) أعظم مما كان لهم فى الدنيا (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦)) ولكن لم يكونوا يعلمون (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ) بينا للناس (فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) وجه (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧)) لكى يتعظوا (قُرْآناً عَرَبِيًّا) على مجرى لغة العرب (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) غير مخالف للتوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب بالتوحيد وبعض الأحكام والحدود ، ويقال : غير ذى عوج ، غير مخلوق ، وهو قول السدى ، (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨)) لكى يتقوا بالقرآن عما نهاهم الله (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) بين الله شبه رجل (رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ) سادات (مُتَشاكِسُونَ) متخالفون يأمر هذا بشىء ، وينهى ذلك عنه ، وهذا مثل الكافر يعبد آلهة شتى (وَرَجُلاً سَلَماً) خالصا (لِرَجُلٍ) وهذا مثل المؤمن يعبد ربه وحده ، وأسلم دينه وعمله لله (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) فى المثل المؤمن والكافر (الْحَمْدُ لِلَّهِ) الشكر لله والوحدانية لله (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩)) أمثال القرآن (إِنَّكَ) يا محمد (مَيِّتٌ) ستموت (وَإِنَّهُمْ) يعنى كفار مكة
__________________
(١) انظر : زاد المسير لابن الجوزى (٧ / ١٧٥).