يعنى اليهود (لِلَّذِينَ كَرِهُوا) وهم المنافقون جحدوا فى السر (ما نَزَّلَ اللهُ) به جبريل على محمد صلىاللهعليهوسلم (سَنُطِيعُكُمْ) سنعينكم يا معشر المنافقين (فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) أمر محمد صلىاللهعليهوسلم ، بلا إله إلا الله إن كان له ظهور علينا (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (٢٦)) إسرار اليهود مع المنافقين (فَكَيْفَ) يصنعون (إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ) قبضتهم الملائكة ، يعنى اليهود (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ) بمقامع من حديد (وَأَدْبارَهُمْ (٢٧)) ظهورهم (ذلِكَ) الضرب والعقوبة (بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ) من اليهودية (وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ) جحدوا توحيده (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨)) فأبطل حسناتهم فى اليهودية ، ويقال : نزل من قوله : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ) إلى هاهنا فى شأن المنافقين الذين رجعوا من المدينة إلى مكة مرتدين عن دينهم ، ويقال : نزل فى شأن الحكم بن أبى العاص المنافق وأصحابه الذين شاوروا فيما بينهم يوم الجمعة فى أمر الخلافة بعد النبى صلىاللهعليهوسلم إن ولينا أمر هذه الأمة نفعل كذا وكذا كانوا يشاورون فى هذا والنبى يخطب ، ولا يستمعون إلى خطبته حتى قالوا بعد ذلك لعبد الله بن مسعود : ماذا قال النبى صلىاللهعليهوسلم الآن على المنبر؟ استهزاء منهم (١).
(أَمْ حَسِبَ) أيظن (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) شك ونفاق (أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩)) أن لن يظهر الله عداوتهم وبغضهم لله ولرسوله ، ويقال : نفاقهم للمؤمنين وعداوتهم وبغضهم (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ) يا محمد بالعلامة القبيحة (فَلَعَرَفْتَهُمْ) فلتعرففهم (بِسِيماهُمْ) بعلامتهم القبيحة بعد ذلك (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ) ولكن تعرفنهم يا محمد (فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) فى محاورة الكلام ، وهى معذرة المنافقين (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠)) أسراركم وعداوتكم وبغضكم لله ولرسوله (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) والله لنختبركم بالقتال (حَتَّى نَعْلَمَ) حتى نميز (الْمُجاهِدِينَ) فى سبيل الله (مِنْكُمْ) يا معشر المنافقين (وَالصَّابِرِينَ) ونميز الصابرين فى الحرب منكم (وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١)) نظهر أسراركم وبغضكم وعداوتكم ومخالفتكم لله ولرسوله ، ويقال : نفاقكم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بمحمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن (وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) صرفوا الناس عن دين الله وطاعته (وَشَاقُّوا الرَّسُولَ) خالفوا الرسول فى الدين (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى) التوحيد (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) لن ينقصوا الله بمخالفتهم وعداوتهم وكفرهم وصدهم عن سبيل الله شيئا (وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ (٣٢)) يبطل حسناتهم ونفقاتهم يوم بدر ، وهم المطعمون يوم بدر.
__________________
(١) انظر : معانى القرآن للفراء (٣ / ٦٣) ، وتفسير القرطبى (١٦ / ٢٥٠) ، وزاد المسير (٧ / ٤١٠).