(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ) ممن زعمتم أنهم بنات الله (لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) لا يشفعون لأحد (إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ) يأمر الله بالشفاعة (لِمَنْ يَشاءُ) لمن كان أهلا لذلك من المؤمنين (وَيَرْضى (٢٦)) عنهم بالتوحيد (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) بالبعث بعد الموت ، يعنى كفار مكة (لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧)) يجعلونهم بنات الله (وَما لَهُمْ بِهِ) بما يقولون (مِنْ عِلْمٍ) من حجة ولا بيان (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) ما يقولون إلا الظن ، يعنى بغير يقين يفترون (وَإِنَّ الظَّنَ) وإن عبادة الظن وقول الظن (لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِ) من عذاب الله (شَيْئاً (٢٨) فَأَعْرِضْ) وجهك يا محمد (عَنْ مَنْ تَوَلَّى) أعرض (عَنْ ذِكْرِنا) عن توحيدنا وكتابنا (وَلَمْ يُرِدْ) بعلمه (إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا (٢٩)) ما فى الحياة الدنيا ، يعنى أبا جهل وأصحابه (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) هذا غاية علمهم وعقلهم ورأيهم ، إذ قالوا : إن الملائكة والأصنام بنات الله وإن الآخرة لا تكون (إِنَّ رَبَّكَ) يا محمد (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) عن دينه ، يعنى أبا جهل وأصحابه (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى (٣٠)) لدينه ، يعنى أبا بكر.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) من الخلق (وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق كلهم عبيد الله (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا) أشركوا (بِما عَمِلُوا) فى شركهم (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا) وحدوا (بِالْحُسْنَى (٣١)) بالتوحيد الجنة ، ثم بين عملهم فى الدنيا فقال : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) يعنى الشرك بالله والعظائم من الذوب (وَالْفَواحِشَ) الزنا والمعاصى (إِلَّا اللَّمَمَ) إلا النظر والغمزة واللمزة يلوم بها نفسه ، ويتوب عنها ، ويقال : إلا التزويج (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) لمن تاب من الكبائر والصغائر (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ) منكم من أنفسكم (إِذْ أَنْشَأَكُمْ) خلقكم (مِنَ الْأَرْضِ) من آدم ، وآدم من تراب والتراب من الأرض (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ) صغار (فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) قد علم الله فى هذه الأحوال ما يكون منكم (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) فلا تبرئوا أنفسكم من الذنوب (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢)) المعصية وأصلح (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣)) أعرض عن نفقته وصدقته على فقراء أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم (وَأَعْطى قَلِيلاً) يسيرا فى الله (وَأَكْدى (٣٤)) قطع نفقته وصدقته فى سبيل الله (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ) اللوح المحفوظ (فَهُوَ يَرى (٣٥)) صنيعه فيه أنه كما صنع ، نزلت هذه الآية فى عثمان بن عفان ، وكان كثير النفقة والصدقة على أصحاب النبى صلىاللهعليهوسلم فلقيه عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، فقال له : أراك تنفق على هؤلاء مالا كثيرا فأخاف أن تبقى بلا شىء ، فقال له