وهو كما في كمال الضعف ، سلّمنا ولكن نقول : إنّ وجوب الرجوع اليه ممّا لا نزاع فيه لأحد ، إنّما النزاع في كون الظاهر محكما بالنسبة إلينا وما ثبت حقيقة شرعية ولا غيرها في المحكم بحيث يدخل الظاهر فيه قطعا ، والمستدلّ إنما استدلّ بها بناء على كون الظاهر محكما.
أقول : لا ينبغي التأمل من حجيّة المحكم بعد ملاحظة الآية والأخبار بل الضرورة ، ولذا نفى عنه الخلاف في صريح كلامه ، وأما كون الظاهر محكما بالنسبة إلينا فقد سمعت استفادته من جملة من الأخبار بل من الآية أيضا مضافا الى ما عن تفسير النعماني بإسناده المعروف عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ورواه القمي في تفسيره مرسلا قال صلىاللهعليهوآله : والمحكم ممّا ذكرته في الأقسام ما تأويله في تنزيله من تحليل ما أحلّ الله سبحانه في كتابه ، وتحريم ما حرّم الله فيه من المأكل والمشارب والمناكح.
ومنه ما فرض الله عزوجل من الصلوة والزكاة ، والصيام ، والحج والجهاد وما دلهم به ممّا لا غنى بهم عنه في جميع تصرفاته مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) الآية (١).
وهذا من المحكم الذي تأويله في تنزيله ، ولا يحتاج في تأويله الى أكثر من التنزيل ، ومنه قوله عزوجل : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) الآية (٢) فتأويله في تنزيله ، فهذا كله محكم لم ينسخه شيء قد استغنى بتنزيله عن تأويله (٣).
وقال (عليهالسلام) في موضع آخر : وأما ما في القرآن تأويله في تنزيله فهو
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) المائدة : ٣.
(٣) بحار الأنوار ج ١٩ ص ٩٧ باب ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام في أصناف آيات القرآن.