يقال لها حروف المعجم ، وربما يعرّف بأنه كيفية للصوت بها يمتاز الصوت عن صوت آخر مثله في الحدّة والثقل تمييزا في المسموع ، والتقييد بالمثليّة في الوصفين ، لإخراجهما إذ لا يمتاز بشيء من الحدة أي الزيرية والثقل أيّ البميّة صوت يماثله فيهما وإن كانا كيفيتين للصوت ، وبالتميز في المسموع لإخراج الغنّة التي تظهر من تسريب الهواء بعضا الى الأنف وبعضا الى الفم مع انطباق الشفتين والبحوحة التي هي للصوت الخارج من الحلق وغيرهما من طول الصوت وقصره ، وكونه طيبا وغيره ، فإن شيئا من ذلك لا يوجب التميز في المسموع. ولذا قد تختلف هذه الأمور والمسموع واحد ، وقد تتّحد والمسموع هو الحروف خاصة لا تلك الكيفيات ، وهو لا يخلو عن تأمل.
نعم قد يقسّم الحروف الى زمانية صرفة وهي ما يمكن تمديدها بلا توهّم تكرار كالفاء والقاف والشين ، وكالحروف المصوّتة المشهورة بحروف المدّ واللين المقابلة للصوامت التي هي ما سواها ، وإلى آنيّة صرفة كالباء والطاء ، والدال ، وغيرها من الصوامت التي لا يمكن تمديدها أصلا ، فإنّها لا توجد إلّا في آخر زمان حبس النفس ، كما يشهد به التكلّم بها ـ ساكنة بعد الهمزة المفتوحة ، ولذا قيل : إنّ تسميتها بالحروف أولى من تسمية غيرها ، لأنّها أطراف الصوت ، وقد سمعت أنّ الحرف هو الطرف ، والى آنيّة تشبه الزمانيّة وهي أن تتوارد أفراد آنيّة مرارا فيظنّ أنّها فرد واحد زماني كالراء والحاء ، والخاء ، حيث إنّ الغالب على النطق أن الراء التي في آخر الدار مثلا راأت متوالية كل واحد منها آنيّ الوجود ، إلّا أن الحسّ لا يشعر بامتياز أزمنتها ، فظنّها حرفا واحدا زمانيا.
ومن هنا يعترض على التعريف المتقدم بعدم شموله للحروف الآنيّة نظرا الى أنّها لا توجد إلا في الآن الذي هو بداية زمان الصوت أو نهايته ، فلا تكون