وإنّما أمر الله بالعدل ، والإحسان ، وإيتاء ذي القربى يعنى مودّة ذي القربى وابتغاء طاعتهم ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، وهم أعداء الأنبياء وأوصياء الأنبياء ، وهم المنهيّ من مودّتهم وطاعتهم ، يعظكم بهذه لعلّكم تذكّرون.
وأخبرك أنّي لو قلت لك : إنّ الفاحشة ، والخمر ، والميسر ، والزّنا ، والميتة ، والدّم ، ولحم الخنزير هو رجل ، وأنا أعلم أنّ الله قد حرّم هذا الأصل وحرّم فرعه ونهى عنه ، وجعل ولايته كمن عبد من دون الله وثنا وشركا ، ومن دعا الى عبادة نفسه فهو كفرعون إذ قال : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) (١) فهذا كلّه على وجه إن شئت قلت : هو رجل وهو الى جهنّم ومن شايعه على ذلك فإنّهم مثل قول الله :
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) (٢) لصدقت ، ثمّ إنّي لو قلت : إنّه فلان ذلك كلّه لصدقت : إنّ فلانا هو المعبود المتعدّي حدود الله الّتي نهي أن يتعدّى.
ثمّ إنّي أخبرك إنّ الدين وأصل الدين هو رجل ، وذلك الرجل هو اليقين ، وهو الإيمان ، وهو إمام أمّته وأهل زمانه ، فمن عرفه عرف الله ودينه ، ومن أنكره أنكره الله ودينه ، ومن جهله جهل الله ودينه ، ولا يعرف الله ودينه وحدوده وشرائعه بغير ذلك الإمام ، كذلك جرى بأنّ معرفة الرجال دين الله (٣).
والمعرفة على وجهين : معرفة ثابتة على بصيرة يعرف بها دين الله ، ويوصل بها الى معرفة الله ، فهذه المعرفة الباطنة الثابتة الموجبة حقّها المستوجب
__________________
(١) النازعات : ٢٤.
(٢) البقرة : ١٧٣.
(٣) في نسخة : «فذلك معنى أنّ معرفة الرّجال دين الله».