ثانيها : إعجازه من حيث الأسلوب وعنوا به الفنّ والضرب.
ثالثها : ما ذهب إليه الجويني (١) من أنّه معجز بفصاحته وأسلوبه معا ، قال : لأنّ كلّ واحد منهما غير متعذّر على العرب ، لأنّه وجد في كلامهم ما هو بفصاحته وليس مثل أسلوبه ، وكلام مسيلمة (٢) كأسلوبه وليس كفصاحته ، وأمّا مجموعهما فغير مقدور للخلق.
رابعها : ما يحكى عن الشيخ كمال الدين (٣) ميثم البحراني من أنّه معجز بأمور ثلاثة معا : فصاحته ، وأسلوبه ، واشتماله على العلوم الشريفة من علم التوحيد والسلوك الى الله تعالى ، وتهذيب الأخلاق ، فإن الفصاحة خاصّة قد وجدت في كلام العرب ، والأسلوب وإن أمكن عند التكلّف ، لكن اجتماعه مع الفصاحة نادر ، لأنّ تكلّف الأسلوب مذهب بالفصاحة ، وأمّا العلوم الشريفة فلم يوجد لها عين ولا أثر إلّا ما يوجد في كلام قسّ بن (٤) ساعدة وأضرابه ممّن وقف على الكتب الإلهيّة نقلا من غيره.
والحاصل أن كلامهم يوجد فيه ما يناسب بعض القرآن في الفصاحة وهو في مناسبته له في أسلوبه أبعد ، وأمّا في العلوم المذكورة فأشدّ بعدا.
خامسها : أنّه خلوّه من التناقض كما أشار إليه سبحانه بقوله :
__________________
(١) الظاهر انّ المراد به هو عبد الملك بن عبد الله أبو المعالي الفقيه الشافعي توفي سنة (٤٧٨ ه) نيسابور.
(٢) هو أبو ثمامة مسيلمة بن حبيب اليمامي ادّعى النبوة قبل الهجرة وسمّى بمسيلمة الكذاب وحاربه المسلمون وقتله الوحشي سنة (١٣ ه).
(٣) هو كمال الدين ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني الفقيه الحكيم له تصانيف منها «شرح نهج البلاغة» توفى به سنة (٦٨١ ه).
(٤) قسّ بن ساعدة الإيادي من معدّ بن عدنان. قيل : إنّه عمّر (٧٠٠) سنة وهو أوّل من تألّه وتعبّد من العرب ، وقد أدرك النبي صلىاللهعليهوآله وسمعه ومات قبل البعثة ـ بلوغ الأرب ج ٢ ص ٢٤٤.