ولذا ترى أنّك إذا علمت في قوله تعالى : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (١) بالقواعد التكسيريّة يخرج الجواب : (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) (٢).
وكذا إذا سألت بهذه العبارة : (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) يخرج الجواب : (خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (٣) ، إلى غير ذلك ممّا لا يخفى على أهله.
ومنها اشتماله على الإخبار من الأمور الغائبة عن الحواسّ من الحوادث الكائنة والوقايع المستقبلة ، وخطرات قلوب المنافقين ، ومستجنات صدورهم وغير ذلك ، وهي بكثرتها وإن اشتركت في إفادة الإعجاز ، لكنّها تنقسم إلى نوعين :
الأوّل أنّه سبحانه أخبر في كثير من الآيات من أحوال المنافقين والكفّار ، وأقوالهم وأسرارهم وتناجيهم وخطرات قلوبهم ما يطلع عليها غيرهم ، حتى إنّهم بعد الإخبار ربما صدّقوا به ولم يسع لهم إنكاره ، وهذا النوع كثير في القرآن :
مثل ما أخبر عنه من أنّهم (إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) (٤).
وقوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) (٥) أى أتحدّثونهم بما بيّنه الله لكم في كتابكم من العلم ببعث محمّد صلىاللهعليهوآله والبشارة به.
__________________
(١) يس : ٧٨.
(٢) يس : ٧٩.
(٣) زخرف : ٩.
(٤) البقرة : ١٤.
(٥) البقرة : ٧٦.