لم يقترن بزمان وهو يخبرنا |
|
عن القرون وعن عاد وعن إرم |
وقد قال أيضا : من وجوه الإعجاز اشتماله على الآداب القويمة والشرائع المستقيمة ، ومكارم الأخلاق ، ومحاسن الصّفات ممّا فيه نظم إصلاح أحوال العباد ونظم سياسة البلاد ، بحيث لو تأمّل فيه العالم البصير لعلم أنّه ليس إلّا تنزيلا من عليم خبير ، ومن العوارض النفسانية لكثير من النّاس عند قراءته واستماعه من المصيبة والخوف والخشية ، والشوق والرقّة والتوجّه الى المبدء ، والتذكّر لأمور الآخرة ، ودفع الحيرة ، وانكشاف العلوم الغيبيّة والمعارف الربانيّة ، وغير ذلك من الأطوار العجيبة والأحوال الغريبة المختصّة به دون غيره من الكلمات والخطب والأشعار وغيرها ، وإن اختلفت تلك الأحوال باختلاف الأشخاص والأزمان وغيرها.
ومنها الاستخارات المجرّبة الّتى كأنّها بقيّة من الوحي الإلهى والإلهام حتّى انّه ربما يستفاد مقصد المستخير وجوابه وعاقبته من الآية تصريحا أو تلويحا ، بل كثيرا ما اتّفق لهذا العبد المسكين ، وغيري من المسلمين الإخبار عن مقصد المستخير بمجرّد التأمّل في الآية ، من دون علم سابق به ، وممّا يئول الأمر إليه في العاقبة ، وهذا واضح لمن جرّب ذلك.
ومنها اشتمال سوره وآياته وكلماته وحروفه على الأسرار العجيبة والخواصّ الغريبة من شفاء الأمراض والاعراض ، ودفع العافات والعاهات والبليّات ، واستجلاب الخيرات ، وأداء الديون والغرامات ، وغير ذلك ممّا سنشير الى جماعة منها في الباب الرابع عشر.
ومنها انطباق كثير من الأسئلة والأجوبة الواقعة فيه على القواعد الجفريّة التي هي من قواعد علم التكسير الّتى لم يطّلع عليها الّا الاوحديّ من الناس ، بل هو من علوم الأنبياء والأوصياء وخواصّ الأولياء.