الذي هو الركض برجلك والرسف الذي هو المشي كمشي المقيّد ، لكنّ الخطب في مثله سهل كسهولته في وجوه الفرق التي سمعت شطرا منها بينه وبين التأويل ، حيث لا شاهد على جملة منها عدا الإطلاق المشترك بينهما كما لا شاهد على ما يقال أيضا من أنّ التفسير إخبار عمّن أنزل فيه القرآن وعن سبب نزوله فهو علم من شاهد النزول وأسبابه ، ولذا يجب فيه الاقتصار على النقل والرواية ، وذلك بخلاف التأويل الذي يختلف باختلاف الأفهام ويصرف إليه من ظاهره الكلام ، فعلم التفسير مختصّ بأقوام وباب التأويل مفتوح الى يوم القيامة ، وعليه أكثر المتأخرين من العامّة.
ومن هنا قال في عوارف المعارف (١) : إنّ التفسير علم نزول الآية وشأنها وقصتها والأسباب التي نزلت فيها وهو محظور على الناس كافة القول فيه إلّا بالسماع والأثر ، وأمّا التأويل فصرف الآية الى معنى تحتمله إذا كان المحتمل الذي يراه يوافق الكتاب والسنة ، فالتأويل يختلف باختلاف حال المؤول من صفاء الفهم ورتبة المعرفة ونصيب القرب من الله.
ولهم أقوال أخرى في المقام كقولهم : إنّ التفسير في الألفاظ والتأويل في المعاني ، وإنّ التفسير يتعلّق بالمحكمات ، والتأويل يختصّ بالمتشابهات وإنّ التفسير بالرواية ، والتأويل بالدراية ، وإنّ التفسير بيان الظاهر ، والتأويل كشف
__________________
(١) عوارف المعارف في التصوف مشتمل على ثلاثة وستين بابا كلها في سير القوم وأحوال سلوكهم وأعمالهم للشيخ شهاب الدين أبي حفص عمر السهروردي المتوفي سنة ٦٣٢ ، كان من كبار الصوفية ، شافعي مفسر ، فقيه ، واعظ ، مولده في سهرود (مدينة في إيران في الجبال سكنها الأكراد في القرن العاشر ثم خربت بالمغول) ٥٣٩ ، كان شيخ الشيوخ ببغداد ، وأقعد في آخر عمره ، فكان يحمل الى الجامع في محفّة ، له مصنفات منها ، عوارف المعارف ، ونخبة البيان في تفسير القرآن وغيرهما.
ـ طبقات الشافعية ج ٥ ص ١٤٣ ـ