ومنه يظهر أيضا ضعف ما يحتمل إرادته في كلام الكاشاني ، من أنّ المحرّم خصوص الصوت الغنائى المقترن للأباطيل والملاهي من المزامير ، والأوتار ، وغيرها ، حيث إنّ كلامه محتمل له ، كما أنّه محتمل لما نسبه إليه المشهور من أنّ حرمته ليس لكونه فردا من الصوت مشتملا على كيفيّة خاصّة ، بل لاقترانه بغيره من المحرّمات ، كدخول الرجال ، والتكلّم بالباطل ، واللّعب بالملاهي ، وغيرها.
وأما تخصيص الحكم بغير القرآن كما هو أحد وجهي الخراساني ، أو بغير المراثي كما عن الأردبيلى وغيره ، أو بغير ما كان من القرآن ، والدعاء ، والذكر ، وغيرها ممّا يذكّر الآخرة ، ويهيّج الشوق ، وينّعش القلب ، كما عن آخرين ، فكلّ ذلك ممّا لا دليل عليه ، بل يردّها ما سمعت من الأخبار ، وغيرها.
نعم ربما يستدلّ له بالعمومات أو الإطلاقات الآمرة بقراءة القرآن ، والدعاء ، وعموم أدلّة الإبكاء ، والإرشاد الشّاملة لما كان على هذه الكيفيّة الخاصّة ، وعلى فرض شمول أدلّة تحريم الغناء للمقام فهو من تعارض العموم من وجه يجب فيه الرجوع الى المرجّحات ، أو الأدلّة الخارجيّة ، وقضيّتها في المقام الإباحة للأصل ، مضافا الى خصوص ما دلّ على الأمر بالتغنّى في القرآن كقول النبيّ صلىاللهعليهوآله في خبر «المجمع» : «تغنّوا به فمن لم يتغنّ بالقرآن فليس منّا» (١).
وقول أبى جعفر عليهالسلام في خبر أبي بصير : «وترجّع بالقرآن صوتك ، فإنّ الله تعالى يحبّ الصوت الحسن يرجّع فيه ترجيعا» (٢).
وما مرّ من الأخبار الآمرة بتحسين الصوت ، وانّه حلية القرآن (٣).
__________________
(١) مستدرك الوسائل ج ٤ ص ٢٧٣ ح ٤٦٨١ ـ مجمع البيان ج ١ ص ١٦.
(٢) الوسائل ج ٤ ص ٢٤ من أبواب قراءة القرآن ح ١.
(٣) أصول الكافي ص ٥٩٩.